جميعنا بلا شك سعداء بالثورة وبالتحول الديمقراطي الذي تشهده البلاد ولكن لم تكتمل سعادتا لكثرة الاحتجاجات والاعتصامات الفئوية في غالبيتها والأكثر من ذلك الدعوة إلي مليونيات شبه أسبوعية كل يوم جمعة ليزداد الطين بلة لأن هذه المليونيات وقف حال للسياحة والرزق حيث تغلق المحلات أبوابها ويخشي السائحون من الذهاب للمتحف المصري بالميدان وقس علي ذلك بقية الميادين في المدن الأخري.
كان من الأجدي الدعوة إلي مليونيات لاستئناف العمل ولدفع عجلة الإنتاج في كافة القطاعات بدلاً من الدعوة إلي مسميات ما أنزل الله بها من سلطان آخرها “شكراً للجيش.. عودوا إلي ثكناتكم” بل وهددت صفحة ثورة الغضب الثانية علي موقع “الفيس بوك” ثوار المحافظات إلي التوجه للميدان اليوم مهددة بالعصيان المدني حتي تتحقق بقية المطالب.
صراحة ما يحدث يثير في النفس الأسي ويجعلنا نشكك في النوايا المخلصة لبعض القوي والائتلافات شأنهم شأن أصحاب الاحتجاجات الفئوية الذين يضغطون علي الحكومة لتلبية مطالبهم المادية وكأن خزائنها مليئة بالأموال وتبخل عليهم فالكل يغني علي ليلاه بل ويغني خارج السرب فهؤلاء أكدوا لنا أنهم في واد والدنيا في واد آخر وان الثورة مجرد شماعة نعلق عليها خيبتنا في النظر إلي المستقبل المشرق لهذا البلد الذي عاني طويلاً من ويلات الحروب ومن جرائم السلب والنهب في ظل النظام السابق.
الحقيقة المرة الغائبة عنا جميعاً هي ان مصر علي وشك الإفلاس وان مصيرنا سيكون مثل اليونان وهذا ما أكده البنك المركزي وهو ان الديون الخارجية والداخلية تسجل أعلي رقم في تاريخ البلاد فقد ارتفع اجمالي رصيد ديون مصر ليسجل 1254 مليار جنيه نهاية العام المالي السابق بزيادة 163 مليار جنيه كما بلغ إجمالي الدين الخارجي 35 مليار دولار وارتفع رصيد الدين الخارجي المستحق علي مصر 2.1 مليار دولار ما يعادل 7.2 مليار جنيه وقد أرجع المركزي السبب إلي ارتفاع أسعار صرف معظم العملات المقترض بها أمام الدولار بما يعادل 2.4 مليار دولار بل كشف تقرير المركزي عن تجاوز إجمالي الدين المحلي حاجز التريليون ليصل إلي 1044.8 مليار جنيه نهاية يونيو الماضي وصافي رصيد الدين المحلي المستحق علي الحكومة 808 مليارات نهاية العام الماضي.
المهم ان حجم الديون المحلية الحالي يمثل وفق تحليلات بعض الخبراء خطراً كبيراً يشبه أزمة الديون في أمريكا وأنه في حالة الاتجاه للسوق الداخلية لسد عجز الموازنة فإننا مقبلون علي كارثة بل سيصل الأمر إلي إعلان إشهار إفلاسنا كما حدث في اليونان وان الأمر مختلف لأن الاتحاد الأوروبي وقف إلي جانب اليونان بضخ المليارات من اليورو لإنقاذ سمعة اليونان المالية وانتشالها وهذا موقف مشرف يحسب لأوروبا عكس الدول العربية التي تتفرج علي مصر وتكتفي بالوعود البراقة والكلمات الجوفاء التي نجيدها كعرب والدليل الوعد الذي لم يتحقق حتي الآن من بعض الدول الخليجية بمساعدة مصر عقب الثورة بضخ أموال واستثمارات بالمليارات.
مطلوب الكف عن المليونيات والاتجاه إلي العمل والانتاج وتأجيل الاحتجاجات الفئوية لأن الخزينة خاوية علي عروشها في الوقت الذي تخسر فيه المحروسة الملايين من الجنيهات يومياً جراء تلك الاحتجاجات والتي تجعل الحكومة ترضخ مضطرة لإسكات أصحاب المطالب مما يزيد من المعاناة والاستنزاف للمال العام فقبول طلبات التوظيف مثلاً وزيادة المرتبات بدون موارد أو دراسة حقيقية وفق ما ذكره د. سلطان أبوعلي وزير الاقتصاد الأسبق للزميلة “المساء” حيث قال إن هذا يضعنا في مأزق خطير أشبه بما تعاني منه اليونان حالياً مشيراً إلي أن الحل بخطوات الاصلاح والصبر وتصحيح القوانين التي شابها غياب العدالة حتي لا تتزايد هذه الاضرابات والتخريب.
صراحة كلنا مطالبون بالقيام بدور في سياسات الاصلاح لأننا في مركب واحد لو غرقت سنغرق جميعاً وستحل الفوضي والخراب علي البلاد وهذا ما ينتظره فلول النظام السابق الذي يتشفي فينا ليجعلنا نتحسر علي أيامه السوداء ويجعلنا نقول ولا يوم من أيام مبارك نحن مقبلون علي كارثة وأيام أسود من قرون الخروب لو استمرت الاستفزازات للمجلس العسكري الذي يحمينا من أنفسنا وأيضاً للحكومة التي تحاول إرضاء الجميع حتي الآن. ولو فشلت ستفكر في الرحيل فما يحدث فوق الاحتمال بل تنوء به الجبال وقتها سنتسول علي الأبواب للاستجداء وستعلن الدولة إفلاسها كما ستضيع الثورة التي تغنينا بها وتركنا بلادنا للخراب..!
عاصم بسيوني
احداث مصر
هل نحن علي وشك الإفلاس
اضيف بتاريخ: Friday, October 7th, 2011 في 05:25
كلمات جريدة احداث: احداث, احداث مصر, مصر
اللهم اهدني وشباب المسلمين الي طريق الرشاد
أكثر الله من عقلاءنا وندعوه بالهدايه للسفهاء .