بسم الله الرحمن الرحيم
” مشروع ازدواج نهر النيل ” وسياسة مختلفة تماماً
تجاه أثيوبيا , هى الحل الوحيد لإخراج مصر من خطر الجفاف
كنتيجة حتمية لسياسة نظام مبارك ألمستهتر بمقدرات مصر
والمستمر حتى اليوم
كشفت فى مقالة سابقة , ألأسرار الخطيرة ألتى أدت إلى صمت مصر أمام خطر قيام أثيوبيا , ببناء مجموعة من السدود ألمدمرة لحقوق مصر التاريخية فى مياه النيل , ووضعت أدلة دامغة تثبت أن نظام حسنى مبارك , وما كان به من وزارة للموارد المائية والرى , وما وصفتها به من عجز فى إيجاد تأمين لمصر فى حالة ضرب السد ألعالى , ولجوئها إلى فكرة تفريغ بحيرة ناصر كمصدر أساسى لهذا الخطر , وذلك بترك أثيوبيا تبنى ما تشاء من سدود , وما وصل إليه الوضع اليوم وبعد إعتماد أثيوبيا على هذه الوعود بالصمت , وفى نفس الوقت وبعد ثورة 25 يناير والموقف المحرج للحكومة ألمصرية , أمام المطالبات ألشعبية ببحث هذا الملف , وعلمها ألأكيد بتلك الوعود , والذى خرجت منه بطريقة البنج لهؤلاء المطالبون , بتأكيد عدم وجود أى أضرار , وما تلى ذلك من وفد الديبلوماسية الشعبية , وقد أدى هذا النظام من الترقيع والتمويه , من النظامين , سواء نظام مبارك أو نظام ثورة 25 يناير , ولا أعفيه من المسؤلية , فى عدم المصارحة , أدى إلى وجود موقف خطير لمصر يضعها بين مطرقة الحقيقة ألمخزية وعدم وجود حل آخر يؤمن مصر وفى نفس الوقت يحفظ حقها فى مياه النيل , حسب التجهيل السابق من وزارة الرى , وسندال المطالبات الشعبية بحماية مصر ونيلها من هذه الدولة , والذى يؤكده جميع الخبراء , وتصل تقريراتهم إلى هذا الشعب , فكان الحل هو الإستمرار فى نفس سياسة نظام مبارك , وخاصة أن من كان يقوده قبل الثورة هو نفسه وزير الرى ألمعين بعد الثورة .
أليوم هو السبت 16 يوليو سنة 2011م , والجميع يعلم أن المشاورات ما زالت مستمرة لتشكيل وزارة جديدة , بناء على مطالب أحرار التحرير .
ويوم الأربعاء الماضى كتبت مذكرة توضح كشفى لهذه المؤامرة , ونويت الذهاب بها إلى ميدان التحرير , واختيار عدد من شباب الثورة , لتسليمها إلى مكتب ألسيد / رئيس الوزراء , حتى يضع ذلك فى اعتباره عند اختياره لوزير الرى , وفى الصباح الباكر علمت أن مسيرة توجهت إلى رئاسة الوزراء , وعلمت أن هتافات القلة منهم قد خرجت عن الهدف الأساسى من هذه التظاهرة واعتصام التحرير نفسه , فقررت عدم الدخول فى هذه المتاهة , حيث هدفى واضح ووجودى وسط أهداف مخالفة له تضعنى فى موقف المؤيد أو المطالب بغير ما قصدته , وفى نفس الوقت رأيت أنه لا فرق لدى من تعيين وزير جديد أو تعيين وزير سابق , وربما بسبب ضيق الوقت لا يلتفت لهذه المذكرة , ولا يوجد خلاف على شخص والخلاف على سياسة , فاليكن ما يكون , وبنفس الطريقة سوف أتحمل مسؤوليتى فى تبنى هذا الملف الشائك , والذى يوصف بالبنود التالية :-
1 – كما وضحت قبل ذلك فإن وزارة الرى المصرية , وبسبب استهتارها بالبحوث العلمية ألمعدة خارجها , وفى نفس الوقت عجزها عن الوصول إلى وضع حل يحمى مصر ضد أخطار انهيار السد العالى , وتكرار التهديد كل فترة زمنية وبدون مناسبة , بضرب السد العالى , وتقارير خبراء الزلازل بوجود مصر بين حزامين للزلازل , واللح من القيادة السياسية وقتها بضرورة إيجاد حل يخرج مصر من دائرة هذا التهديد , لم تجد وزاة الرى من سبيل إلا ألتخلص من مصدر هذا التهديد باعتباره قنبلة موقوتة , بطريقة هذه القنابل وكما يتم تماما من تصرف فيها بتفكيكها , وإخراج المفجر منها , وبالنسبة لهذا الخطر هو تفكيك بحيرة ناصر , والذى يعنى تفريغها وتحويل مخزونها إلى بحيرات أخرى صغيرة , ليس لها مكان إلا فى الجنوب .
2 – لو أقدمنا على ذلك وفى نفس الوقت تمسكنا ببنود إتفاقيات دول حوض ألنيل , ألتى تمنع أى دولة منبع من بناء أى سد بدون موافقة مصر والسودان , وكذلك مواثيق الأمم المتحدة , ألتى تنص على احترام اتفاقيات حصص ألمياه كاتفاقيات الحدود الدولية تماماً , فإننا بذلك لن نستطيع تفريغ البحيرة , وسوف تكون ممتلئة رغماً عنا بدون بناء هذه السدود , لذلك جاء التفكير بترك أثيوبيا تبنى ما تشاء , حتى تستوعب هذه المياه مقسمة على عدد من السدود الصغيرة لديها , وسواء هناك تفاهم من وجهة نظر تأمين مصر لتعليل هذه الموافقة , أو تركها بطريقة التجاوز عن مبررات أثيوبيا , فليس هناك فرق , ألمهم أن ضرر أثيوبيا من بناء هذه السدود أقل من وجهة نظر ألنظام العاجز , أقل من ضرر التهديد بكارثة ضرب السد العالى , مادام لا يرقى لأن يضع تأميناً مصرياً خالصاً ” ليس التأمين عسكرياً فهذا شئ مفروغ منه , ولكن التأمين بمحو الخطر من هذه الكمية الهائلة من المياه ” .
3 – يتصور البعض أن النظام السابق أهمل أثيوبيا , ولكن هذا غير صحيح , فلو أنه أهمل جميع دول حوض النيل , فإنه بذلك لم يهمل أثيوبيا , فهى بذلك كمن يشترى مياه النيل بالمجان بعد بيع الغاز بثمن بخث , وسواء أدركت أثيوبيا أن موافقة مصر ألغير معلنة لها على بناء هذه السدود , تخرجها من مأزق أو انتصار لسياستها فى تسمية الإتفاقيات بالإستعمارية , وقيادة دول حوض النيل , فمهما كان تفسير أثيوبيا لنجاحها فى هذه الحملة , فلابد أن يكون هناك وفى كلتا ألحالتين تواصل واتصال بين النظامين , ويثبت ذلك إستمرار حكومة د / عصام شرف , فى نفس سياسة ألتعتيم , وكذلك صمت المجلس الأعلى للقوات المسلحة , على أن هذا ليس مجرد ملف مياه , ولكنه ملف أمن قومى أكبر من كونه للمياه , فهو وسيلة لتأمين مصر , من أى تهديد خارجى من أى جهة , وبذلك كان لابد من التواصل , بأى وضع من الأوضاع , بل واستمراره بعد الثورة , والذى تركز فقط فى الرد على هذا الشعب الذى لم يكن يستطيع توجيه نقض , وأصبح اليوم لا يوجه نقضاً فقط ولكنه يحاسب على كل شئ .
4 – ألموقف ألآن وبسبب عجز وزارة الرى عن إيجاد حل بل وعجزها فى باقى مهامها , والتى تحولت بعد بناء السد العالى إلى مجرد قياسين وعدادين أنه :-
أ – قد سبق وضع حل لمشكلة كبيرة من وجهة نظر جميع ألساسة والعسكريين ألمصريين , والتى وضعت تأمين مصر عسكرياً , بل وضد كارثة رهيبة أكبر من أى كارثة عسكرية , هى الأهم والأولى من تأمين مياهها وهذا شئ طبيعى , ولكن كان يجب تجنيد جميع علماء مصر واتفاقهم على عدم وجود حل آخر لتأمين مصر , وليس حسب ما توصلت إليه عبقرية وزارة الرى فى الترقيع , وكان هذا يتأتى بتلقى وزارة الدفاع والإنتاج الحربى بنفسها باقتراحات هؤلاء العلماء , ومناقشتها مع وزارة الرى تحت إشراف مهندسوا سلاح المهندسين الأبطال , لأن وزارة الرى لا يهمها ألوصول إلى حل بقدر ما يهمها , ستر فشلها , وهذا عن تجارب شخصية سابقة .
ب – حتى اليوم لم يلاحظ واحداً من هؤلاء العلماء , وجود علاقة قوية بين سدود أثيوبيا , وتأمين مصر من خطر ضرب السد العالى , وجميعهم يصرخون بوجود أضرار كبيرة , ويتعجبون من الصمت , وأعتبر نفسى بذلك أول من تنبه لهذه العلاقة , وذلك فقط بمحاولتى ألدخول فى وسط الأحداث ومخاطبة مجلس الوزراء , وإهمال تقارير كاملة بهذه الأضرار , بل وتحويل المذكرة إلى وزارة الرى , ألتى أخفتها , ثم الطريقة الملفتة للنظر عند محاولتى تقديم مذكرة ثانية , بعد علمى بذلك , والتى كانت نتيجتها ألرفض التام لاستلامها , والتصميم على تركها فقط بدون أى إثبات , وشجاعة صغار الموظفين فى هذا الموقف , لدرجة أن قيل لى ” إفعل ما شئت فجميع أبواب رئاسة الوزراء أمامك ” , وهى فى الحقيقة مغلقة أمامى تماماً , وذلك باعتبار أن هذا ملف تم إغلاقه , ومهما قلت عن هذه الأضرار فهى معروفة , ولا جدوى من تكرار الحديث فيها .
ج – ألقيادة السياسية والعسكرية اليوم , وحسب علمها , ليس أمامها سوى حل وزارة الرى ألقديم ألمهلهل , وأصبحت مهمتها ألوحيدة هى ألتقليل من الأضرار من وجود هذه السدود بأثيوبيا , بقدر الإمكان , ولذلك تتركز السياسة فى توطيد علاقات جديدة بصور جديدة , جميعها بعيدة تماماً عن أهم شئ فيها , وهو احترام الإتفاقيات ألدولية , ومواثيق الأمم المتحدة , لأن هذا يؤدى لوقف هذه السدود وبالتالى إستمرار الخطر , من بحيرة ناصر , كما صورته العبقرية العرجاء لوزارة الرى .
أما عن علاقة مشروع ” ازدواج نهر النيل ” بهذا الملف , بل والعلاقة القوية بينى وبينه , وبغير هذا المشروع , وما تعودت عليه وزارة الرى أمامى وأمام غيرى من غطرسة واحتقار , لجميع ما يقدم من أبحاث ومشاريع تكشف تقصيرها فهى كما يلى : –
1 – وضحت فى الفكرة السابقة أو المقال السابق , قصة زيارة الرئيس السابق حسنى مبارك إلى إيطاليا , وتوجيه سؤال له عن عضو الكنيسيت ألذى هدد بضرب السد العالى , سنة 2000م تقريباً , وقد أدى هذا إلى لفت نظرى لهذا الخطر على مصر , فتركت بحثى ألأصلى وهو مشروع ” إزدواج نهر النيل ” , وكنت مستمراً فيه منذ سنة 1983م , تركته وبدأت فى البحث عن حل لتأمين مصر من هذا الخطر , وقبل البحث عن التأمين كان من الضرورى كباحث لا يترك صغيرة ولا كبيرة , أن يحدد أولاً , ما هو هذا الخطر تفصيلاً , ولا يترك الأمور عائمة مثل وزارة الرى , ألتى تسميه خطر فقط , وربما لم يسميه كارثة إلا من تخيل أهواله من العلماء , فبدأت فعلاً بوضع ديناميكية لهذه الكارثة ” لا قدر الله ” , والتى حولت اندفاعى وتحمسى لوضع هذا التأمين , من الوطنية والشعور بالكرامة , إلى الوقوف أمام خطر رهيب لا يتصوره إنسان على وطن غالى يعلو بغلوه فوق النفس والإبن والأب والجميع , وملخصه , أنه طوفان يساوى فى حجمه تسونامى سبعة أضعاف تسونامى أليابان ألأخير , وأن ضحاياه أكثر من 28 مليون مصرى , أغلبهم من كبار السن والنساء والأطفال والمعاقين , ولجوء الناس إلى الجبال ألتى لا يختلف وادى النيل عنها بعد جفافه بعد عدة شهور من الكارثة , والتى سوف تنهى تماماً على كل شئ , وتترك الناس بلا مأوى ولا طعام بل ولا شراب ولا كهرباء , ولا حتى طرق , ربما يصل الأمر لإلقاء بعض المعونات الدولية عليهم بالطائرات , وتحول كل شئ إلى دمار فى الصعيد والدلتا , ” لآ قدر الله على مصر به ” , وبذلك أصبحت العملية بالنسبة لى , عملية عاطفية وطنية , بما لم يسمع عنه أحد قبل ذلك , ببكاء باحث بما يعرف من بحثه , تماماً مثل القاضى ألذى خرج عن شعوره وهو يقرأ تقريراً للطب الشرعى عن فتاة هى ضحية مغتصبين وقاتلين بكل أنواع الوحشية , ويعلم الله سبحانه وتعالى , أن هذا البحث لم يبكينى أول مرة فقط , ولكنه يعيدنى لهذا كلما تذكرته وكلما ذكرته , وجعل بينى وبين شعب مصر كله عاطفة من نوع خاص جداً , لا أستطيع إدراجها تحت مسمى وطنية أو حب أو عشق أو تعاطف أو ماذا , وخصوصاً , محافظات ألصعيد و بدءاً من أسوان حتى ألجيزة والقاهرة , وربما كنت بهذه العاطفة الخاصة , أستمر فى البحث لمدة تتعدى 48 ساعة , وعندما أخلد للنوم تأتينى فكرة , وأخشى أن أصبح ناسياً إياها , فأقوم مرة أخرى وأسجلها بل ربما أسبح فيها بدون أن أدرى ساعات أخرى , وهكذا كان شبابى وصحتى ألتى كنت أعتمد عليها , وعقلى ألذى لم يكن عقل باحث بقدر ماهو مولد لأفكار تخرجها منه عاطفة متفاعلة معه على الدوام , وقد توصلت لفكرة فى بداية الأمر , تعتبر هى الحد الأدنى لما هو ممكن أن يصل إليه أحد بوزارة الرى , وهى إنشاء سدود متعددة وبمواصفات مختلفة , ثلاثة أو أربعة فى عمق بحيرة ناصر , وعند مضايقها بقدر اللإمكان لتخفيض التكلفة , تكون جميعها مولدة للكهرباء ولكن سيكون مجموعها معاً مساوياً لكهرباء السد العالى , بحيث يتدرج ألمنسوب أمامها بحيث يكون الأعلى فى أول بحيرة أمام أول سد فى الجنوب , وتنخفض مناسيب مايليه من بحيرات حتى تصل إلى ألجزء الشمالى أمام السد العالى بمنسوب منخفض , بحيث لو ضرب السد العالى لخرج منه كمية صغيرة من المياه , ولو ضربت سدود فى الوسط منع المياه ما هو شمالها من سدود , بحيث يتحتم على من يحاول ضرب السد العالى أن يضرب جميع السدود معه فتكون بصورة طبيعية بأنقاضها سدوداً عشوائية كثيرة توزع ما بالبحيرة من مياه بين أنقاضها ولا ينفذ إلى النيل منها إلا ألقليل ألذى لا يسبب مثل هذه الأضرار , وهذا الحل ألذى هو الحد الأدنى لأى مفكر بصفة غير عاطفية ولا يحركه فيه سوى وضعه ألوظيفى , هذا الحل الأدنى لم تصل إليه وزارة الرى , بكل من فيها , أما ما وصلوا إليه بعد سنوات من الدراسة والتخبط فيها , هو بكل بساطة إزالة أسباب الخطر وليس تهذيبه , مهما تكن النتائج , حتى وإن كان قلب ينبض , وبالتخصص ألوزارى يكملون الحل ويضعون ضمان جدواه , لأنه لا يصح إلا إذا تم التحكم فى هذه المياه من أماكن أخرى فى الجنوب , وبسدود أخرى , ومن غير الطبيعى وأثيوبيا تطلب بناء سدود أن نطلب منها ذلك ونقع فى عرضها , ولكن نتركها تبنى ما تشاء , فهو لها هدف ومصلحة قومية , ولنا ايضاً , ما دمنا قد لجأنا إلى هذا الحل ألبسيط والخالى من أى هندسة , أو حتى ” مراجيح ” .
أما ما وصلت إليه من حل داخلى وعلى أرض مصر فلم يرضينى , وواصلت البحث لأفضل منه , ولم يخطر ببالى مطلقاً ألإعتماد على دول الجنوب , وسبحان الله , فرغم أنها فكرة إلا أنها لم تخطر ببالى لأنها شيطانية , وقد أبعد الله عنى هذا الشيطان ببركة النيل ومصر , وحبى لهما , حتى وصلت إلى ربط مشروعى ” إزدواج نهر النيل ” بهذا التأمين , والذى لو لم يتواجد لما يصل بفكرة التأمين إلى ما وضعته لها , من تأمين كامل يدفع كمية صغيرة جداً من المياه إلى النيل , ويجبر باقى مياه بحيرة ناصر للنزول بهدوء تام , بمعدل لا يتعدى ضعف معدل نزولها ألطبيعى , وفى نفس الوقت يحتفظ بخصوصية السد العالى فى إنتاج كمية الكهرباء كاملة , ومنسوب البحيرة لهذه الكهرباء بالحد الأدنى والأعلى ألطبيعى , ويجعل من الأنقاض سدوداً جديدة تعوق حركة المياه بطريقة تلقائية , لو حاول جبان ضرب كل ما بالبحيرة مع السد العالى ومكونات أخرى , وفى حالة الزلزال يكون الوضع أكفأ من ذلك .
2 – وصلت إلى هذا الحل النهائى فى سنة 2002م , وحسب ما تتتابع به الأحداث فى مواقف مصر وأثيوبيا , فلم تصل وزارة الرى لحلها هذا إلا فى أواخر سنة 2006م , وكما قلت , فإن وزارة الرى مثل الطبيب ألعاجز عن علاج مريض , ويرفض رفضاً باتاً تدخل أى طبيب آخر فى العلاج , ويضطر فى النهاية لقتل مريضه ليأسه من علاجه , فقد اعتبرت أن الحديث فى مثل هذا التأمين يجب أن يكون سرياً ” وقد ثبت لى هذا فعلاً ” , فتوجهت إلى أمن الدولة , ألتى كتبت لها مذكرة بخصوص الموضوع , والتى مهما عرضت على قيادات سياسية , فلا بد أن تؤول فى النهاية إلى وزارة الرى , ألتى هى فى نظر كل الأنظمة , ألمرجع العلمى والعملى لكل مشاكل الرى , والتى أؤكد بدون أدلة ولا مستندات أنها قد أبدت اذدراءاً مما ذكر بالمذكرة , لأنها لم ترجع إلى أمن الدولة , لا بالرفض ولا بالقبول ولم ترجع البتة , حتى قالوا بأنفسهم ,” إن أولى الأمر لا يعنيهم من هذا الأمر شئ ” , وربما تعمدوا هذا الرد لى حتى أوفر عليهم الكثير من الجدال من وجهة نظر النظام .
3 – والآن بدى كل شئ واضح كالشمس , فليس للحكومة المصرية والمجلس الأعلى للقوات المسلحة , تفسيراً لموقف مصر من هذه السدود إلا إعتمادهم عليها فى حل هذه المشكلة القومية , ألأولى بالحل من مشكلة المياه , ولا يصح التبرير بسلوك سابق سلوكا لاحق , ولا يمكن عرض الموضوع على العامة بهذه الصراحة , فى حال عدم وجود بديل , يغنى عن هذا الحل القزم العاجز , ورغم تحذيرات جميع الخبراء , ألغائب عنهم ربط هذا الملف بملف التأمين , فالصمت مستمر , وأضف إلى ذلك حديث أثيوبيا ألذى يؤكد بدون تقارير وبكلام مرسل , انه لن ينقص من حصة مصر لتراً واحداً , وكأنها سوف تمنع الشمس من تبخير الماء من مسطحات بحيرات هذه السدود , وتصريحاتها بتقديم النفع لمصر بهذه السدود , ومصر تصمت وكأن الكلام مصدق , كل ذلك يثبت ويوضح هذه الحقيقة , ألتى وصلنا مضطرين إليها , بفضل وزارة الرى ألمصرية واعتماد مصر عليها جيشاً وشعباً وبثقة فى غير محلها , ليس فقط , ولكن بتعصب فى غير محله ليس له هدف منزه لمصلحة مصر , ولكن كل أهدافه ألا يقال إن الحل جاء من خارج الوزارة , مهما نتج عن هذا الموقف من أضرار لمصر , ولذلك إنفردت بالحل وفرضته على الجميع , وعزلت كل من جاء بما يفضح قصورها وتقصيرها , وأصبح الموقف موقفين , أحلى ما فيهما مر , إما ألذلة لأى دولة صديقة أو عدوة جبانة يجن جنون قائدها يوما ما , واستمرارنا داخل هذه الدائرة من التهديد , أو الذلة لدولة متأخرة تسعى إلى التقدم , لا يعلم أحد ماذا ستفعل بعد أن تكون روحنا بأيديها .
ولذلك فالرجوع إلى الحق فضيلة , وخصوصاً بعد معرفته كاملاً , وهذا هو تحليلى للموقف , وكما قلت فى ضرورة إيجاد حل لتأمين مصر .
إن عظم الخطر يوجب ضرورة التأمين , مهما انحفضت الإحتمالية .
لذلك أضع الحل , وسوف أفرضه إن شاء الله , لمصر ولصالحها , وأفخر بدعم العلم والبحث الدقيق لى ولما أفرضه , ولذلك قلت ” لا فرق عندى فيمن يتم اختياره لوزارة الرى , فرسالة مثلى لايعوقها أشخاص , وسوف يكون هذا الإختيار بشقيه مصلحة فى تحقيق الهدف , وهو احتفاظنا بجميع حقوقنا فى مياه النيل , وقدرتنا على حل مشاكلنا داخل مصر وعلى أرضها وبأيدى أبنائها ” , فإن كان الوزير الجديد هو نفسه السابق فسوف يكون التعامل مع من حضر ألسياسة الخطأ من أولها وساهم فى تنفيذها , وإن تغير فربما سهل المهمة بفكر جديد وعقل جديد , ربما بعد بقدر ما عن العصيية السابقة , والعقد القديمة .
وهذا الحل كما يلى : –
1 – توفير البديل للحل القاصر ألضعيف , وذلك بضرورة توضيح وشرح مشروع إزدواج نهر النيل , وإثبات كل إيجابياته , وأولها قدرته على تأمين مصر بكفائة , وذلك لجميع السلطات ألعسكرية , والسياسية , والتنفيذية , والشعبية .
2 – بمجرد الإقتناع بذلك فسوف يكون التحرك التلقائى لتصحيح ما أفسده النظام ألذى إعتمد فى قراراته المصيرية , على تقديرات قاصرة , ومصادر غير موثوق بها , إلى مسار صحيح فى كافة الإتجاهات , ألسياسية دولياً وأممياً , وتثقيفياً وردا على كل ما إمتنعنا عن الرد عليه من استعمارية , وخلافه , وفى نفس الوقت , ستتولى كل جهة مسؤليتها , وسط جو من الطمأنينة , فى عدم احتياج مصر لمن يساعدها بالمقابل الغالى , ومن يركب موجة وهمية , صنعتها بالخطأ أيدى مصرية , وسوف يتولى ألمجلس الأعلى للقوات المسلحة هذا الملف كاملاً بكل جوانبه .
وسوف يكون تجربة مصرية فى تعلم عدم الإعتماد على جهة غير موثوق فيها , وإشراك كل العلماء بعد ذلك فى طرح الحلول والآراء , فى جميع ما يمس مصالح مصر العليا , ولا يكرر بعد ذلك خطأ اتخاذ قرار بتقدير فردى , وعدم الإلتفات لما يقرره علماء مخلصون من آراء وتقارير , من شأنها إنقاذ مواقف فى حينها .
عاشت مصر حرة , والمجد للشهداء
مهندس / محمد الزكى محرم