في شعب يبلغ تعداده 80 مليونا سيكون من المؤكد تنوع الآراء السياسية والمناهج الاقتصادية التي يرى أصحابها أنه يجب على حكومة مصر الجديدة تبنيها.
ملامح العهد القادم في مصر بالنسبة لي تشير إلى تشابه نسبي مع باكستان وتركيا، حيث العسكر يمسك بزمام الأمور العليا ويستعد دائما للحالات الطارئة والتدخل السريع، ويفرض نهجا عاما في السياسة لا سيما منها الاستراتيجية والخارجية، بحكم أنه المسؤول عن أمن البلد والدفاع عنها وصون مصالحها، ويترك لرئيس الدولة وحكومته (المنتخبون ديموقراطيا) آلية تنفيذ تلك السياسة ومراعاة شروطها، مع تفويض شبه كامل بالحكم الداخلي وأدواته وتحقيق متطلباته، ويترك العسكر أيضا السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية والإعلام في إطار الدستور (المحدّث)،وهي سلطات من المحتمل أن تشهد انفتاحا أكبر من ذلك الذي حصل في عهد الرئيس السابق، إرضاءً للشعب الثائر، ولكنها لن تتخطى أبدا الخطوط الحمراء، وأهم تلك الخطوط معاهدات واستراتيجيات العلاقة مع الجيران والخارج، وعدم وصول من يسمون بالإسلاميين المتشددين إلى الحكم.
وفي داخل ذلك الإطار المشار إليه ليُسمي الشعب من شاء من الحكام والوزراء والنواب، وليتغير رئيس الدولة كل فترة رئاسية أو فترتين، ولتتقلص الرشاوى والفساد،ولينفتح الاقتصاد ..، ولكن يجب أن تبقى المصالح الاستراتيجية التي تراها المؤسسة العسكرية في وضعها الراهن كما هي محفوظة مصانة.
وفي المقابل قد تظهر حكومة قوية بكامل الصلاحيات الداخلية والخارجية، تنبع من رأي الشعب (وهو الأكثر تديّنا في العالم حسب استطلاع معهد جالوب الأمريكي) وبالتالي تحقق هذه الحكومة ما يطلبه شعبها، وتضع المؤسسة العسكرية تحت شورى ورأي الشعب وحكومته وليس العكس، وتفتح آفاقها السياسية والاقتصادية في الداخل والخارج بحكمة وحنكة وتحظى بمكانة محلية ودولية، وتقدم التنمية على غيرها من الأجندات لتحظى بالقوة اللازمة فيما بعد.
ويبقى احتمال الفوضى –لاسمح الله- قائما، فقد يحصل العكس ولا تولي الأطراف السياسية نهج تحقيق تنمية حقيقية شاملة الاهتمام المطلوب، وتتجه للسياسة وللتناحر السياسي كأولوية وتلد حكومة أو حكومات غير مستقرة، وقد ننتقل إلى دوامة تبدل الحكومات وسقوطها، وعدم وضوح المسارات المستقبلية، أو إلى مواجهات وصدامات مع العالم الخارجي وجزء من المجتمع الداخلي، ويصبح الاقتصاد ضحية السياسة (غير المتوازنة) ويترحم الشعب على العهد السابق الذي ثار عليه من أجل معيشة أفضل فقط لم تتحقق في العهد الجديد، ليصبح لسان حاله قائلا: عتبت على عمروٍ فلما فقدته وصاحبت اقواما بكيت على عمرو.
قد يقول قائل: طرحت كل الخيارات فلم يبقى احتمال، وأجيب وكنتيجة للمقال أن خيارات ثلاثة مستبعدة بنظري: وهي سيطرة الفرد الدكتاتور الواحد مع حزب واحد، أو سيطرة الإسلامين بشكل كامل على الحكم، أو عودة الأمور كما كانت قبل 25 يناير، إلا أن يشاء الله تعالى شيئا آخر.
عسكر افضل من الحراميه