حقيقة لقد أصبح منصب الرئيس الآن مأزقاً سياسياً علي درجة كبيرة من الأهمية والخطورة في ذات الوقت وهو ما يستلزم قدراً كبيراً من الفنطة والكياسة والهدوء من أجل العبور منه وتجاوزه علي النحو الذي يحقق المصلحة العليا للوطن.
لقد اسفرت نتائج الانتخابات الرئاسية ابلجولة الأولي التي لم تكن مفاجأة بل كانت متوقعة إلي حد كبير حتي وان كان هناك قدر من المفاجأة بالنسبة لتوزيع الأصوات ما بين المرشحين الخمسة البارزين الذين دار حولهم سباق الرئاسة بأن حصد حمدين صباحي عدداً غير قليل من هذه الاصوات علي نحو غير متوقع بينما تراجعت نسبة الاصوات المتوقعة بالنسبة لكل من موسي وأبوالفتوح.
أيا كان الأمر فقد جاءت النتيجة بالاعادة ما بين كل من احمد شفيق ومرسي الأول محسوب علي النظام القديم ويري فيه البعض وذلك البعض ليس بقليل من القوي الثورية انه يعد اعادة لانتاج نظام مبارك مرة أخري وهو ما يعني اجهاضاً للثورة ويعد ذلك أحد المعوقات التي تقف في سبيل تقدمه نحو كرسي الرئاسة والمرشح الثاني وهو محمد مرسي مرشح الاخوان يعد في نظر الكثيرين انه النموذج للدولة الدينية أو دولة الخلافة التي لا يريدونها والتي يمكن ان تدفع بمصر في طريق غير الطريق الذي قامت من أجله الثورة وذلك يعد احد العوائق التي قد تقف في طريقه ولكن قد لا تكون بنفس الثقل بالنسبة لأحمد شفيق ومع ذلك فإن ذلك الوضع أدي إلي حالة من الانقسام البين التي قد تصل إلي حد الحيرة والتي تضع مصر في مفترق طرق والتي لابد وان تجعلنا نبحث عن العوامل والمحددات التي نحتكم إليها في التعاطي مع ذلك الوضع وذلك بعيدا عن العواطف والميول والانتماءات والتوجهات السياسية والتشيع لمرشح أو آخر ولكن المعيار هنا لابد وان يكون الاجابة عن ذلك السؤال وهو ماذا بعد؟ أي بعد هذه المرحلة وهو سؤال يتعلق بالمستقبل أي ان هذه الخطوة التي سوف نقدم عليها هي التي سيتحدد عليها المستقبل لذلك فهي تعد خطوة غاية في الخطورة وهي تتطلب ان يكون هناك قدر كبير من الكياسة والفطنة في معالجة الموقف من قبل القوي السياسية وكافة رءوس الفكر والثقافة في المجتمع ومن يعملون في مجال السياسة.
من المؤكد ان هذه المرحلة سوف تشهد حالة من الاستقطاب من قبل كل فريق وسوف تكون هناك لقاءات وصفقات سوف يحاول كل مرشح ان يجريها وسوف يكون هناك اغراءات بل سوف يلجأ كل فريق وانصاره إلي كافة الطرق والوسائل التي تكفل تحقيق هدف وصوله إلي كرسي الرئاسة ومن المؤكد ان “حسبة الوطن” ومستقبله قد لا تكون حاضرة في هذه الحسابات والتقديرات وسوف تغيب أو تهمل وذلك هو أخطر ما في هذه المرحلة لذلك فإن التوعية الجادة من خلال الاعلام لابد وان يكون لها حضورها المؤثر ولابد وان تصبح أحد المعطيات الهامة والحاسمة في هذه العملية وان دور الاعلام هنا لابد وان يكون محايداً وملتزمآ وان محركه هو المصلحة العليا وليس أي شيء آخر.. فصيل القوي الثورية يرفض هذا أو ذاك ويري انهما ليسا بالمرشحين الأفضل لقيادة مصر في هذه المرحلة وانه يطالب بمقطاعة الانتخابات والعودة إلي الميدان وهو ايضا خيار صعب ولا يمكن ان تتحمله هذه المرحلة وهو من شأنه ان يقود إلي المزيد من الفوضوية السياسية. البعض يري ان احمد شفيق رغم ما عليه من مآخذ بغض النظر عن صحتها من عدمه فهو يمكن ان يكون الانسب في هذه المرحلة التي لابد وان تنظر إليها علي انها مرحلة انتقالية وانها تضع خطانا علي بداية الطريق الصحيح للديمقراطية وان هذه الانتخابات قد وضعت ما يمكن ان نسميه بخارطة طريق للقوي السياسية وايضا اوزانها النسبية ومن ثم امكانية ولوجها للسلطة وامكانية عمل الصفقات والاتفاقات وتلك هي الائتلافات التي قد بدأ البعض يتحدثون عنها من خلال مبادرات وذلك في محاولة للخروج من ذلك المأزق الذي فرضته نتائج انتخابات الرئاسة
دكتور جميل جورجي
انتخابات الرئاسة
الفطنة والكياسة في مأزق الرئاسة
اضيف بتاريخ: Sunday, June 3rd, 2012 في 09:24
كلمات جريدة احداث: احداث, انتخابات, مصر
ان احمد شفيق رغم ما عليه من مآخذ بغض النظر عن صحتها من عدمه فهو يمكن ان يكون الانسب في هذه المرحلة التي لابد وان تنظر إليها علي انها مرحلة انتقالية وانها تضع خطانا علي بداية الطريق الصحيح للديمقراطية وان هذه الانتخابات قد وضعت ما يمكن ان نسميه بخارطة طريق للقوي السياسية وايضا اوزانها النسبية ومن ثم امكانية ولوجها للسلطة