منذ فتح باب الترشح للرئاسة ونحن نشاهد مسرحية هزلية متنوعة.. ابطالها هم الذين تسابقوا لسحب أوراق الترشح من كل صنف ولون مع كامل التقدير والاجلال لكل صاحب مهنة شريفة.. ومع كامل التقدير لحق كل مواطن مصري في الترشح للرئاسة.. ولكن صارت مصر لدينا بهذه المسرحية الهزلية.
اقل من مركز شباب وأقل من وحدة محلية في قرية نائية فنحن عندما نعلن عن الترشح لرئاسة وحدة محلية في قرية أو رئاسة مركز شباب لا يتقدم هذا الكم للمنصب.. فهي قدر مصر لديهم اقل من قرية صغيرة أو مركز شباب في حي شعبي.. ولو طالعنا ما تنشره الصحف العالمية ووكالات الأنباء عن هذه المهزلة التي لم تحدث في أي دولة في العالم حتي في ادغال افريقيا.. لو طالعنا ما ينشر لادركنا حجم المهانة التي ألحقناها بمصر الوطن العريق والتي ساهم فيها أيضا التناول الاعلامي الساذج حتي لو كان من قبيل السخرية.. إلا انه ساهم بصورة سيئة في اخراج هذه المهزلة.. فمن يكره أن يري صوره تتصدر صفحات الصحف الكبري الجمهورية والاخبار والاهرام وتتسابق الفضائيات التي اصبحت أكثر من الباعة الجائلين في ميدان رمسيس في صورة اكثر سذاجة من المسرحية ذاتها.. حتي لو كان ذلك علي سبيل السخرية.
أما الجانب الدرامي في هذه المسرحية الهزلية فهو تصريحات مرشح أصبح مشهورا بسبب كثرة ما تنشره عنه الصحف حتي صدق انه يمكن أن يكون رئيس مصر.. لكن كثرة تصريحاته كشفته امام الناس فكتب بلسانه شهادة سقوطه قبل ان تبدأ المعركة.. وقديما قال الفيلسوف سقراط “تحدث حتي أراك”.
فعندما تحدث هذا المرشح كشف فكره في كل ندوة أو جولة يقوم بها يردد نفس الكلام.. سوف أحارب اسرائيل سوف ألغي معاهدة كامب ديفيد.. سوف اقطع الغاز عن اسرائيل.. مرتديا ثوب زعامة واهية.. فمصير الدول غير حديث المصاطب.. واتفاقيات الدول والحروب.. ليس دور طاولة علي مقهي يلعبه في أي وقت والسلام.. ومن لا يعرف قيمة الدولة وحفظها لعهودها أو نقضها لا يستطيع ان يقود عزبة وليس دولة بحجم مصر.
* * *
ثم ان هناك قضايا وملفات ساخنة تنتظر الرئيس القادم الذي يتسلم أطلال دولة التهم الفساد طوال 30 سنة مواردها وأموالها وغازها وذهبها ودمر أمنها وتركها بقايا دولة.. يعتصرها الفقر والأمراض والبطالة دولة بلا أمن ولا موارد .. ثوب ممزق يحتاج من يرممه ولكن لان انفلونزا الرئاسة انتشرت بصورة غير مسبوقة صار اي شخص يتحدث والسلام ظنا ان الزعامة الجوفاء أو الحديث عن حرب اسرائيل سوف يجمع له الأصوات فسوف يكسب تعاطف الشعب.. واراد ان يكسب اصوات الشباب فقال إذا لم يأت الرئيس من التحرير سوف تقوم ثورة.. فخسر بذلك المعركة قبل أن تبدأ.. فالثورة التي قامت من أجل الحرية والديمقراطية لا تحجر علي رأي أحد.. وليس من حق أي مرشح ان يحجر علي رأي الشعب وهو حر فيما يختار.. وليت هذا المرشح صمت ولم يتحدث.. لانه كشف نفسه.. فقيادة الدولة في المرحلة الراهنة تحتاج رباناً ماهراً حكيماً ثورياً يقود للتغيير والاصلاح.. وليس طالب شهرة وزعامة بلا أساس.