فور أن وقعت عيناي على القذافي قتيلاً علي شاشات القنوات الإخبارية وهي متبارية تنقل صورة جثة. ومن بعدها مشاهد فيديو سبق أن أخذت له ذليلا في قبضة الثوار قبل أن يلقي حتفه. انتابتني مشاعر متناقضة ككثيرين غيري.. خليط من الذهول المؤقت والشفقة والفرحة والتشفي.. ويبدو أن معمر أو “أبوشفشوفة” كما اسماه سخرية الليبيون إبان ثورتهم وتعني بلهجتهم صاحب الشعر الأشعث سيظل بطل المتناقضات بلا منافس.. حياً وميتاً!!
طافت برأسي وانا اتابع الحدث ألقاب الراحل التي كان يحلو له أن يطلقها علي نفسه وتشبع لديه جنون العظمة. ومنها “ملك ملوك أفريقيا” و “قائد الثورة” و “القائد الأممي” و “عميد الحكام العرب”.. وبقي السؤال: أهذا بحق من كان قبل شهور ينعت المطالبين برحيله بالجرذان. فيما انتشلوه هم كالفأر من أنبوب لصرف النفايات والقاذورات كان يختبئ بداخله لحظة الامساك به؟!.. وهل هو نفسه ذاك الشخص الذي قال بكبرياء إنه سيقاتل إلي آخر قطره من دمه. فهو علي حد وصفه “صخرة صماء تحطمت عليه أمريكا”؟!
الرجل لم يكف لحظة سقوطه عن استعطاف من وقع في أيديهم من الثوار والتوسل إليهم صارخا بصوت عال: “ارحموني.. ارحموني.. ألا تعرفون معني الرحمة”؟!.. طلب منهم أن يعرفوا معه معني الرحمة.. وهو من كان لا يعرفهم حتي شهور مضت. وسألهم عقب 42 سنة حكما: “من أنتم؟!” لم يخل منظره الأخير من شفقة للبعض عليه. بينما خرجت علينا بعد موته آخر التقارير تؤكد أن ثروته تقدر بنحو 85 مليار يورو جمعها من عائدات النفط واستثمارات عائلية بجميع أنحاء العالم وفي شركات مختلفة متعددة الجنسيات.
علي سور بأحد شوارع بنغازي. تبقي جدارية ضخمة رسمها أحدهم تحت نيران الثورة للقذافي. وكتب تحتها “قرد قرود أفريقيا” ساخراً من “ملك الملوك” الذي التقطوه فيما بعد من ماسورة صرف صحي.. ستبقي الجدارية.. وسيظل “أبوشفشوفة” دون باقي الألقاب.. ستتواري كل خطبه العصماء ولن نتذكر سوي صرخة توسل بصوته تطلب الرحمة.. أما مشهد النهاية فلن يسدل بعده الستار.. ولن يبرح “أبوشفشوفة” مكانه الأخير علي خشبة المسرح.. سيبقي يعظ كل حاكم. أو طامح للحكم أو طامع فيه.. بأن الشعب قد يمرض.. لكنه ابداً لا يموت.
محمد عبد الحميد
احداث ليبيا
مقتل القذافي : ابو شفشوفة يعظ
اضيف بتاريخ: Tuesday, October 25th, 2011 في 01:06
كلمات جريدة احداث: احداث, ليبيا
الانظمة الفاسدة الى زوال والملك الجبري الى زوال الله رافعه الشعوب العربية في محنة والله هي من عند الله منحة ان سلكوا طريق الجهاد انها بداية الطريق فالعدو الحقيقي ليس الاسد ولا القدافي ولا مبارك ولا السادس ولا اسرائيل ولا الدجال… المحنة القادمة اشد لان ظلم الناس للناس هو عدل الله في الناس .