رجعت فلسطين الي مقدمه الصراع خلال الأسابيع الماضيه. رجعت من خلال غارات إسرائيل علي سوريا و من خلال خرق حرمه المسجد الاقصي و من خلال رجوع الحياه و لو مؤقتا الي حمله المقاطعة الأكاديمية للمؤسسات التعليميه في إسرائيل. كان التعسف الإسرائيلي وراء الثلاث ظواهر و بدلا من ان ندين محاوله استدرار الاهتمام التي تقوم بها إسرائيل دوريا باسم الدفاع عن وجودها في محيط معادي و فضح مؤامراتها لتحويل الصراع الإقليمي لصراع حول تسلح ايران و كسب مزيد من الدعم الأمريكي و التكاتف الداخلي لحمايه الصهيونية، قررنا ان نزيد المسار العربي الثوري -المتعثر أصلاً- تعقيدا وان نتفرغ لقتل بعضنا البعض معنويا و نكيل الاتهامات للقوي الديموقراطية بانها وراء صعود الخطر الإسرائيلي علي الأمن القومي العربي.
و كالعادة كانت مصر في طليعه هذه الهلوسه الفكريه، و بدأت المراجعات من الصحافة و الأحزاب ترجع الي مناطق راحتها المعتادة منذ عقود، مجتره احاديث معهوده عن الخطر الإسرائيلي الداهم و المخطط الأمريكي لتفتيت سوريا و مركزيه الصراع الإسرائيلي الفلسطيني في أي مخطط تغيير.
هل هذا كلام حق يراد به باطل؟… لا بل هذا حديث فقد عذريته من كثره الاستهلاك المحلي. نعم فلسطين مهمه، نعم الاحتلال يعربد في الاقصي و في غزه و في سوريا، و لكن المعطي الأهم هو ان هناك قوي فلسطينية وليده تريد التغيير مثل ساير الحركات الديموقراطية في مصر و تونس و سوريا… هذه القوي الصاعده لاتريد الاستسلام للاحساس بالتهميش الذي ساد المجتمع الفلسطيني ابان بدء الثورات العربيه، لا تريد ان تويد من يقول فلسطين هي البوصله ليبرر مسانده نظام الاسد. انها تري ذاتها كجزء من هذا الصوت الجديد. ومثلنا في مصر و في سوريا، تحاول القوي السياسيه القديمة اخمادها و انهاكها لمنعها من إنتاج مفردات و أدوات جديده في صياغه التحديات مع الاحتلال و مع ازمه الديموقراطية الداخليه و كمجتمع محتل يطالب بحقوقه.
ان الأخطر علي امن إسرائيل ليس هجمه هنا و هناك من حزب الله أو من الجيش النظامي السوري و إنما اندلاع انتفاضة ثالثه تعطي الزخم المفقود للربيع العربي التي حاولت قوي الرجعية العربيه شراء مدفنا إسلاميا له بالاتفاق مع حلفائها الدوليين.