هل هو إغراق فى التفاؤل كرد فعل على حالة شديدة الصعوبة والقسوة تمر على المنطقة وعلينا.. أم هو نوع من خداع النفس أو الأمانى الحلوة فى الأيام المرة، أم نوع من الهروب من مواجهة تحديات ضخمة تمثلها جيوش وبواخر وأسلحة ودمار وقتل وترويع وتدخل سافر فى شئوننا وصل إلى حد تحديد ما نتعلمه وما لا نتعلمه.. أم هو نوع من التشبث بالأمل حتى لا نستسلم لليأس؟
ليس هذا ولا ذاك.. بل هو الحقيقة إن شاء الله، فإذا كنا نؤمن حقا بالقرآن الكريم، فإن النبوءة القرآنية تتحدث بالفعل عن زوال إسرائيل.. “وقضينا إلى بنى إسرائيل فى الكتاب لتفسدن فى الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا، فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولى بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا، ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا، إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها، فإذا جاء وعد الآخرة، ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا”.. سورة الإسراء.
وإذا كان القرآن الكريم يتحدث عن زوال إسرائيل فإن هذا يصل إلى درجة اليقين المطلق لدى كل مسلم، وهو يقين مفيد لجعله لا ييأس أبدا مهما اختل ميزان القوي، ومهما كانت الظروف الدولية والإقليمية صعبة، لأن الله تعالى الجبار المتعال القادر على كل شيء، والأكبر من كل قوة هو الذى وعد بذلك ووعده الحق إن شاء الله تعالي، وبالتالى فإن استمرار المقاومة بكل أشكالها، ومهما كانت الصعوبات هو الطريق الصحيح والمشروع والمتفق مع المنهج القرآني، وهذا فى حد ذاته إحدى علامات النصر إن شاء الله.
زوال إسرائيل أيضا حتمية تاريخية، ذلك أن إنشاء دولة إسرائيل هو على عكس حركة التاريخ والجغرافيا، وهو نوع من تثبيت جسم غريب فى كائن حى يرفضه، ومهما كانت قوة اللصق والتثبيت فإنها ستنتهى يوما، وهذه المنطقة العربية الإسلامية، منطقة شديدة العمق حضاريا وثقافيا، وذات كثافة سكانية عالية ولا يمكن بكل الوسائل والطرق ولا حتى بالإبادة تفريغ المنطقة من السكان، أو تفريغها من وجدانها الثقافى والديني، ولأن المنطقة هى أعمق مناطق العالم ثقافة، فهى ستلفظ بالضرورة هذا الجسم الغريب، وإذا كان الغرب قد أراد أن يتخلص من المشكلة اليهودية بإنشاء إسرائيل، وليستفيد منها فى نفس الوقت كمفرزة عسكرية متقدمة ضد قلب العالم العربى والإسلامي، فإنه أيضا كان يدرك أن المنطقة لن تقبل ذلك، لا بسهولة ولا بصعوبة، ولم يكن هذا يهم الغرب بالطبع، فلسان حاله يقول فليذهب العرب واليهود معاً إلى الجحيم، ولأن اليهود أغبياء فقد بلعوا الطعم، ومارسوا غدرهم وحقدهم على المسلمين بلا هوادة، ولكن ذلك أيضا لن يفلح فى تثبيت كيان مفتعل وملفوظ جملة وتفصيلا.. مهما كانت القوة العسكرية الإسرائيلية، ومهما كانت قوة الدعم الأمريكية والغربية للكيان الصهيوني، ومهما كانت وسائل الترهيب فلن تفلح فى القضاء على مقاومة الجسم العربى الإسلامى ولا القضاء على مناعته فى مواجهة هذا الجسم الغريب، ومهما كانت قوة التضليل وغسيل المخ وقوة الإغراءات والمشروعات لإقناع الشعوب بقبول التعايش مع إسرائيل أو التخلى عن الهوية والثقافة أو تفسير الإسلام تفسيرا جزئيا أو مغلوطا فإن ذلك لن ينجح بل هو أحد المستحيلات والله متم نوره ولو كره الكافرون .
المنطقة العربية والإسلامية وتحديدا قلبها فلسطين، ليست منطقة خالية من السكان، ولا خالية من الثقافة، بل هى عميقة وكثيفة حضاريا وبشريا، بل ربما هى الأعمق والأكثف فى العالم، وهكذا فإن زوال إسرائيل حتمية حضارية، قد ينجح الضغط فى تثبيت مؤقت لذلك الكيان، قد يتورط حاكم أو مجموعة بشرية أو دولة أو حتى جيل بأكمله فى التعايش المستحيل مع إسرائيل، ولكن هذا ضد منطق الأشياء ولن يستمر طويلا.
هذه الحقيقة بدأ يدركها مفكرو وقادة العدو الصهيونى أنفسهم، فهم يتحدثون عن وطن بلا مستقبل، أو أنهم أخذوا أكبر مقلب أو خازوق على حد تعبير أحد الشعراء الصهاينة فى استقباله لأحد المهاجرين الجدد قائلا له: تعال وأجلس على الخازوق مثلنا .
المقاومة هنا شرط لازم لزوال إسرائيل.. والمقاومة قد اندلعت بالفعل وامتلكت الطريق الصحيح، بل وأفرزت ظاهرة رائعة وهى العمليات الاستشهادية.. وهذا سلاح لا يمكن القضاء عليه، لقد تمت عمليات استشهادية فى جميع أنحاء فلسطين المحتلة، فى الجليل، وتل أبيب ويافا وعكا وفى الضفة وغزة، وضد مستعمرات شديدة الحراسة وضد مستوطنين مسلحين، وضد كتائب الجيش الصهيونى ذاتها تمت هذه العمليات فى جميع الأحوال والأوقات، وهذا يعنى أن كل الاستخبارات والتحصينات والأقمار الصناعية ووسائل التكنولوجيا الحديثة والقديمة لم تكن حائلا دون استمرار هذه العمليات، لا إمكانات الجيش الصهيونى ولا الجيش الأمريكى ولا محاولات السلطة، ولا الضغوط الدولية ولا حالة الهجوم الإعلامى المستمر على تلك العمليات ووصفها بالإرهابية، ولا محاولات إرهاب الشعب الفلسطينى وترويعه، ولا الاغتيالات ونسف البيوت ولا الأسوار والأطواق الأمنية حالت دون استمرار ونجاح تلك العمليات، والقيمة الكبرى لتلك العمليات ليس فى مدى ما تحدثه من خسائر فى صفوف العدو، بل بما تبثه من رعب فى نفوس الإسرائيليين وما تحدثه بالتالى من خلل فى المجتمع الإسرائيلي، بل ما تحققه من نسف لفكرة الصهيونية ذاتها، لأن الفكرة الصهيونية بالنسبة لليهود الصهاينة هى التجمع فى مكان آمن وطن قومى بعد أن عانى اليهود من الاضطهاد العنصرى فى أوروبا تحديدا!! وهذا بالطبع ليس ذنب العرب والمسلمين الذين يعاملون غير المسلمين بمن فيهم اليهود معاملة تليق بالعدل الإسلامى والأوامر الشرعية الإسلامية، ولعل ممارسات التاريخ القديم والحديث تؤكد ذلك، المهم أن الغرب نجح فى إقناع اليهود بأن فلسطين ستكون مكانا آمنا بالنسبة لهم، فهى أرض بلا شعب، ومنطقة سوف تقبل بهم بالقهر والإغراء، وهى أيضا ترجمة للتفسيرالمحرف للتوراة أو التلمود، ولكن جاءت حقائق التاريخ والجغرافيا والثقافة والمقاومة لتقول العكس، فالشعب الفلسطينى موجود، وهو لن يفرط فى أرضه، وهو يمتلك أعلى نسبة خصوبة قادرة على إحداث توازن سكانى باستمرار مهما استمرت عملية الإبادة الصهيونية، والثقافة العربية الإسلامية عميقة الجذور لن تسمح بقبول دائم لإسرائيل فى المنطقة، والنص القرآنى والمفاهيم الإسلامية الثابتة منتشرة بقوة فى المنطقة المحيطة، وهذا معناه استمرار الدعم المادى والمعنوي، بل وخروج الاستشهاديين من غير الفلسطينيين من العرب والمسلمين، والممارسات الإسرائيلية والأمريكية فى المنطقة تدفع الشعوب دفعا إلى إدراك أن الجهاد والمقاومة ليست فقط فريضة شرعية بل هى ضرورة حياتية وطريق بلا بديل وإلا فالموت والخضوع وفقدان الكرامة.. وبذلك كله وبغيره كثير، أصبحت فلسطين أقل الأماكن فى العالم أمانا بالنسبة لليهود وهذا ينسف فكرة الصهيونية من جذورها، وهكذا فإن المقاومة فى الحقيقة والتى وصلت إلى حد مطاردة الإسرائيليين فى بيوتهم ومطاعمهم ونواديهم ومستوطناتهم وثكناتهم العسكرية، بل وخارج فلسطين ذاتها فى كينيا على يد فدائيين ليسوا فلسطينيين، بل مسلمين ينتمون إلى تيارات عربية أخري، هذه المقاومة تقول إن فكرة الوطن الآمن فكرة مزيفة، وأن على يهود إسرائيل أن يعيشوا فى خوف ورعب دائم، وإذا كان الأمر بالنسبة للإسرائيلى مفهوما حين يقوم بالقتال من أجل إنشاء وطن واستمراره وتثبيته، فهذا لا يكون إلا لفترة محدودة وبتضحيات معينة، أما أن تتحول المسألة إلى قلق وخوف دائمين، واستنفار مستمر وقتال بلا نهاية منظورة فهذا فوق الطاقة، وإذا كان ذلك هو قدر العرب والمسلمين، لأن هذه بلادهم وليس لهم بلاد غيرها، فإن ذلك ليس حتميا بالنسبة ليهود إسرائيل، لأنهم يمكنهم العودة من حيث أتوا أو أتى آباؤهم، وبديهى أن حلم الاستقرار والتمتع بمباهج الحياة حلم كل إنسان، وخاصة الأجيال الجديدة فى إسرائيل، وهكذا فالمقاومة نسفت الفكرة الصهيونية، أما سيناريو زوال إسرائيل فهو مجرد تفاصيل.
تفسخ وانهيار المجتمع الإسرائيلى من الداخل، وشيوع حالة الخوف والفزع لدى الإسرائيليين أحرص الناس على حياة وتشقق فكرة الصهيونية ذاتها أمر أصبح محسوساً ومعروفا وترصده مراكز الأبحاث، بل يراه أى مفكر موضوعى داخل إسرائيل أو خارجها، بل إن تقريرا أعدته لجنة مشتركة من الكنيست ومجلس الوزراء الإسرائيلى عام 2007 وجاء بعنوان “الواقع فى إسرائيل” يصل إلى نفس النتيجة وهي أن الأمور لو سارت بنفس الطريقة فسوف ينهار المجتمع الإسرائيلى من الداخل خلال 20 عاما وأنه لابد من علاج الموضوع.. وبديهى أن تلك أمانيهم، فالعلاج موضوعيا وحضاريا واستراتيجيا مستحيل، المهم أن التقرير يتحدث عن أن المقاومة والانتفاضة تسببت فى عجز فى الميزانية بلغ 30% من عام 2000 وحتى الآن سنويا، وأن الميزانية العسكرية تستهلك 60% من عائدات إسرائيل القومية، وإذا كان علاج ذلك ميسوراً عن طريق ضخ الأموال لإسرائيل من أمريكا أو الدول التى صنعت إسرائيل وتستفيد منها مثل أمريكا حاليا، فإن علاج الخوف والفزع الإسرائيلى لا يمكن أن يتم لا عن طريق أمريكا ولاغيرها، يتحدث التقرير أيضا عن أن 30% من المواطنين لديهم رغبة أكيدة فى مغادرة إسرائيل، وأن 13% من الأسر الإسرائيلية ترفض الإنجاب، وأن معدل المواليد انخفض بنسبة 5.2%، وتقول الأسر الرافضة للإنجاب برغم توفر المقومات الشخصية والاقتصادية لذلك إنها لا تريد إنجاب أطفال ليموتوا وأن أحدا فى إسرائيل لا يضمن الآن العودة إلى أطفاله سالما أو عودة أطفاله إليه من المدرسة سالمين!!، ويرصد التقرير حالة الهروب من الجيش أو رفض الخدمة فى الأراضى المحتلة وتدنى حالة الشعور بالوطنية لدى الجيل الجديد الذى يعبر عن رغبته فى العيش بأمان وأنه من الصعب استمرار التوتر إلى الأبد!!، ويعترف التقرير أن هناك شعورا بعدم الأمان يسيطر على الإسرائيليين، وأن الأولاد والأمهات والزوجات يخشون الآن النزول إلى الشوارع أو التسوق وأن المسألة قد انتقلت من كوننا كنا – يقصد إسرائيل -نتحكم فى مصائر الفلسطينيين إلى أن الفلسطينيين هم الذين قد يتحكمون فى مصير إسرائيل خاصة أنهم يتحركون بلا نظام ومن الصعب بالتالى الإمساك بتلابيبهم أو تحديد وسيلة ناجحة للقضاء على إرهابهم!!
ان الله لا يضيع اجر من احسن عملا النصرللاسلام ان شاء الله
الله على كل شىء قدير فهو يمهل ولا يهمل (ســـــبحانه)
هؤلاء الملاعين اليهود(المغضوب عليهم)وأعوانهم من الضالين سوف يرينا الله فيهم عجائب قدرته يمهل ولا يهمل
قريبا ستزول دولة القرده والخنازير