ماذا أقول .. والله إنني أخجل مما يفعله بعض العرب، فلو أن عندهم قليلاً من الحياء .. أو شيئاً من الوعي.. أو حتى بعض ضمير لما افتروا ، ولما حاولوا أن يشوهوا كل شيء جميل وصادق نمتلكه ..
فلو كنا قد منحنا الفلسطينيين حقهم علينا من المساندة منذ البداية ، لكان صديقنا عزمي بشارة مازال هناك في وطنه يصدح صوته قويا مدويا يضج مضاجع اليهود مدافعا عن العرب هناك .. إلا أنه وبسببنا وبسبب ضعف الأمة أبعد هو وغيره عن الوطن ، وعندما حاول جاهداً أن يستمر في النضال من أجل فلسطين ، فذكرنا بأنها قضية عربية وهي كذلك .. فإذا ببعض العرب – فقط لأنه هو من قال هذا – يكشرون أنيابهم قائلين: هي قضية إسلامية وهي كذلك ، لكن أين العدالة ! هو رجل مسيحي ومنصف ومناضل فإذا دافع عن فلسطين وطنه وناضل في سبيلها ، ودعا العرب ليتبنوا القضية من هذا المنطلق فهذا أمر له وليس عليه ، ينم عن حبه وإخلاصه لوطنه في وقت خان فيه قضية فلسطين الكثير من المسلمين وهي لاتخطر حتى على بالهم .. ثم تأتي تلك الألحان المترهلة القبيحة التي تصدر عن بعض الأنظمة المخادعة كالنظام السوري والليبي فيما يخص الوطنية والمقاومة وهي مجرد ادعاءات كالسحر الأسود تخدر بها الشعوب لمصلحتها ووفقا لنسيج إرتأت أنه سيبقيها مدة أطول وبالفعل خدعونا نحن الشعوب العربية سنيناً طويلة .. فلماذا كنتم تطالبون عزمي بشارة أن يكون على علم مسبق بها وبخفاياها وبحقيقة الأنظمة العربية التي خدع بها كل المثقفين والسياسيين الشرفاء بمختلف مستويات الوعي فترة طويلة من الزمن رغم تعاملهم المباشر معها ، بينما هو هناك في خضم ما يناضل من أجله في إسرائيل فيما يمكن قبوله وفيما يتوجب رفضه في دولة يحكمها المنطق الارهابي ولد ونشأ فيها إلا أنه استطاع أن يرفض وأن يؤثر كثيرا، في الوقت الذي كانت فيه كل الأنظمة العربية رغم امتلاكها دولاً وثروات تقبل بكل قذارات اليهود دون تردد رغم بعض تصريحاتها الوطنية الجوفاء التي ترميها حيناً لتقتات عليها قلوب الشعوب البسيطة …. فبعد إبعاد د. بشارة عن وطنه ذهب ليلقي نظرة على تلك الانظمة ذات العباءة القومية ، فكشر البعض أنيابهم صارخين لماذا فعل ذلك هو إذن خائن !! رغم أن الخونة نحن نعرفهم جيداً وعرفناهم أكثر في أيامنا هذه ، والمضحك في الأمر ان أؤلئك العرب والاسرائيليين المتصهينيين يتهمون بشارة بنفس التهم وبنفس الوقت .. وعندما جعل الله تلك الشعوب تثور على الطغاة الموالين لأعداء الامة الاسلامية ووالله ما جعلها تثور إلا الله وأظن أن الله يريد بهؤلاء الحكام أمر لا مرد له .. حتى أن الشعوب أكثرها لم تعد تنصت لفتاوى بعض العلماء وإن ثقل وزنهم فيما يخص طاعة ولي الامر ، فأولئك العلماء لايتحدثون إلا عندما يحتاجهم الحاكم وعندما تحتاجهم الشعوب يصمتون حتى فقدوا شيئا فشيئا مصداقيتهم .. إذن فثورة الشعوب وإنهاء الحكم الجبري هو امر لا مرد له ، وإن كان في ذلك فتن سببها الصمت عهودا طويلة من قبل الجميع حتى العلماء على حكام عرضوا شباب الامة للانتحار ولفتنة الدين ، كما أنهم موالون لمن سفك دماء المسلمين وأعراضهم وهدم المساجد والدور وسب رسول الله … والعجيب أنه وفي الوقت الذي يصمت فيه علماء ومسلمون بارزون نجد من يقف مع تلك الشعوب المطحونة هو عزمي بشارة ببساطة لأنه منصف وشجاع وهو دائما يدفع ثمن هذه الشجاعة في ظل الظروف السفيهه ليكون هو الخاسر ..
فمن هو صديق اليهود والنصارى هل هو عزمي بشارة أم الأنظمة العربية التي باعت كل شيء حتى الدين وعرض النبي في سبيل رضا القوى الغربية ظناً منها أن في ذلك ضمانا لبقائها ، وأما النظام السوري الشيعي فقد كان يراهن على إيران وحزب الله لذا كان عليه أن يتقمص الصورة القومية المزيفة ليتلاعب بعقل الشعب العربي والتي نجح في رسمها بسبب الموقع الجغرافي لسوريا ، واليوم نرى كيف سقط قناع حزب البعث السوري لنراه ليس إلا قطيعاً من الذئاب يلتهم أهل درعا وغيرها بينما لم يطلق يوما رصاصة واحدة ولا كلمة واحدة من اجل الجولان – يرحمك الله ياعبدالناصر كم كنت محاطا بالمخادعين – ولا نبرئ أنفسنا من تلك السذاجة التي منعتنا من رؤية تلك الأنظمة على حقيقتها رغم طول العهد وتكرر الحوادث المريبة كتلك المدن التي اقتحمها حافظ الاسد وارتكب فيها جرائم مقززة ، ومسألة الاستئثار بالثروات والأموال والتوريث وعدم أخذ مواقف حقيقية للمقاومة من أجل الأمة ، اللهم عبارات جوفاء لا فائدة تذكر منها ، لقد كان الفرق واضحا بين الحقيقي والزائف فعبد الناصر مثلاً لم يورث أهله مالاً ولا حتى بيتاً للسكن كما يفعل عامة الناس .. لقد كنا حقاً شعوبا ساذجة ! واليوم نحن ندفع الثمن ثمن صمتنا على كل مجازر اليهود وعلى الدول التي أخذت تتساقط امام أعيننا ونحن نتفرج وثمن السكوت على الطغاة والظالمين ، وستلي مجازر الليبي مجازر كثيرة في سوريا واليمن وغيرها وسنتألم كثيراً قبل أن نشفى مع أني أكره الألم ، وسيستمتع الغرب كثيرا برقصته المشهورة في سيرك مصالحه المقيتة … لكن الغد لابد له أن يأتي وسيكون ناظره – بإذن الله – قريب ليس لأن كل الشعوب قد بلغت الوعي بل لأن الله الذي غير الطقس والوقت ويغير الساحة العربية فإنه يهيئ ويعد لأمرٍ ما .. هو أعلم به
وعندما أرست الظروف العربية المعقدة عزمي بشارة في قطر ، كشر العرب أنيابهم كلما قال كلمة أو اتخذ موقفا – كل هذا بسبب كثرة انقساماتهم وتفرق أغراضهم – فنجدهم يتهمونه تارة بالخيانة وتارة بالتكسب أملا منهم أن يسكت فلا يسكت أو ريما لأنه مسيحي ..عصبية غربية ليست من الإسلام في شيء ، ولا تفرق بين الحبيب والعدو ، لقد مدح رسول الله حاتم الطائي لكرمه وعفا عن أهله جميعا بعد انتهاء القتال رغم أنه ليس بمسلم ولا حتى من أهل الكتاب .. أما نحن فلا نعفو عن الكريم إذا قاتلنا ، بل نخون الصديق الذي ساندنا بوطنيته وشجاعته ..
عجيب أمر هذا البشارة .. فهو لم يكن يوماً بحاجة إليكم ، هو حاصل على شهادة الدكتوراه من المانيا وكان بإمكانه أن يدرس في أي جامعة أوروبية أو أمريكية – إن شاء – ووالله لو كنت مكانه لبعتكم وبعت ما تأتون به من التعب والأسى والظلم بأقل وظيفة بعيدا عن الدول العربية ، إلا أنه متمسك بقضايا الأمة والسعي لحريتها بينما أنتم تتحدثون عن راحته المادية وما أجده إلا رجلاً يعشق التعب ..والعرب ! ونرى اليوم كيف أن النظام السوري القمعي المخيف لا يترك وسيلة إعلامية وغير إعلامية إلا ويستغلها ليشنع بها على قناة الجزيرة وعزمي بشارة فقد أزعجوا حياة الرجل الملكية المرفهة وأسقطوا قناعه الجميل واتسخت بدلة أبيه النظيفة التي استعارها من عبدالناصر ..فنجدهم يؤولون كلاما عاديا حول قناة الجزيرة ، ذاك أن من حق أي ضيف أن يحدد ما يريد الكلام فيه لأسباب هو أدرى بها وأغلب الشعب العربي يثق بعزمي بشارة وتقديره للأمور .. فالأردن حتى الآن لم تقم بها ثورة وإن كان قد تحدث قبل حدوث شيء كنتم ستقولون يحرض الشعب الأردني كي يثور ، ومن قال أنه هو من حرض الشعوب فالشعوب قد أخرجها الله بعد كل ظلم وإجرام العصابات العربية الحاكمة ، إنما هو يعطي رأيه فيما يحدث أمامه ويحلله وأحيانا يرشد الشعوب المسكينة لخطورة خطوة ما .. ولأنهم يعلمون انه صادق ينصتون إليه .. كما أن الشعب البحريني من الناحية المادية وضعه ممتاز وقد حدثت إصلاحات جدية ثم أنهم شيعة وقد رأينا كيف تستغل إيران الشيعة في كل دولة وتسيس الأمور بصورة مريبة فهل يستحق الأمر كل التضحيات التي ستحدث ، ولو انه قد تحدث وشجع الشعب على الثورة كنتم ستقولون ما ذكرته الآن عن البحرين… ثم أن تلك العبارة التي صرخ بها الكثيرون ( بيضت وجه القناة) هي عبارة عادية جدا لمذيع معروف ومحبوب لدينا ، ولكنه تأويل أصحاب الأغراض الذنيئة للكلمات ..أما بالنسبة للأنظمة الخليجية حاضنة القواعد الغربية التي خالفت قاعدة ( جوع كلبك يتبعك ) وإنما التزمت قاعدة دلله يتبعك ، فأنتم تعرفونها مسبقا وقد فعلت أشياء بمنتهى البشاعة وسكتم عليها لكن عندما يخص الأمر عزمي بشارة وبالذات في أثناء حديثه عن الثورات ، تكشرون أنيابكم صارخين أنهم قد اشتروه بوظيفة .. ألا ترون أن رجلاً حاصل على كل تلك الشهادات واللغات ليس بحاجة إلى وظيفتكم التي بها تفرحون .. ياعرب ؟! ومع ذلك فأنتم تسفسطون لأنه يتكلم وصوته يسمع عند الناس فلابد إذن من تشويه سمعته ولو بواسطة لاشيء مستغلين بذلك بساطة وسرعة تصديق الشعوب العربية ، قبل أن يحطم عروشكم ويجعل كلابكم الجائعة تتذكر أنها بشرا.. تباً لكم من محتالين ومهرجين .. وأرى أنه قد ازداد عدد المرددين بأن قناة الجزيرة مخادعة ، أتعلمون ياقومي أنتم ليس لكم غالٍ وليس لكم بقعة وفاء في تلك القلوب بين ضلوعكم ، وذاكرتكم ضعيفة جداً ، ففي حرب العراق وفي حرب لبنان وحرب أفغانستان وحرب غزة كانت السياسات الخليجية مع الغرب والصهاينة وكانت الطائرات تنطلق من القواعد الخليجية لكن قناة الجزيرة كانت تساند الشعب العربي ومات وأسر صحفيون وقد تتبعت الكثير من فضائح الاحتلال وكادت تمنع في دول عدة منها إسرائيل.. لكل شيء في الدنيا سلبيات وايجابيات وقناة الجزيرة التي تطالبونها بنشر فضائح قطر وبكل صغيرة وكبيرة قد أدت الكثير مما عليها بقدر ما تستطيع ..
وهكذا يمر عزمي بشارة في طاحونة العرب لم يذق منهم إلا الارهاق والخذلان.. دائماً يكون موقفه محيراً وضاغطاً ..منذ نشأته الأولى ، لكن هكذا يكون حظ الانسان الأقوى والأذكى يكون أكثر صعوبة بقدر ما يستطيع أن يفعل ، فعندما أمتحن طالبتي الذكية يستفزني ذكاؤها لأطرح عليها أصعب الأسئلة وعندما تجيب أكون فرحة بها وسعيدة وازداد احتراما وتقديرا لها .. فياقناة الجزيرة وياعزمي بشارة أنتم واسطة العقد في كل شيء فطوبى لكم وسيدون التاريخ يوما ما أسماؤكم بحروف من نور تشع حرية وإباء .. إنما مبدئياً أرسل لكم من شخص ضعيف وغير مهم في هذا العالم : سلمت يداكم وشكراً جزيلاً لكم ،أنتم في أعيننا وفي قلوبنا ، ولتعلموا أن ما يؤذيكم هو يؤرقنا أكثر
عبدالرحمن
احداث فلسطين
رحلة عزمي بشارة مع العرب
اضيف بتاريخ: Sunday, May 1st, 2011 في 03:33
كلمات جريدة احداث: احداث, احداث فلسطين, اسرائيل, عزمي بشارة, فلسطين
ليه النظام السوري كل من يقول كلمه حق يعتبره ضده عزمي المفكر العربي كثيرا حاول الا يتعرض للوضع في سوريه الا ان الاحداث تجبره ان لا يقول الا ضمير الناس والشارع العربي وكم نصح السوررين ان لا يفوتهم زمن الاصلاح الا انهم لا يسمعون ويتهمون كل صوت حر ويمتنون عليه لدرجه تشعر بالغثيان ويسعون في شعبهم قتلا
يفترض أنه مفكر فلسطيني.. ويفترض أنه حامل لهموم الهوية والقومية، والوطن المسلوب.. لكن هذه القضايا كلها باتت مؤرشفة في زاوية مهملة في فكر عزمي بشارة المنحرف بعد أن طغى عليها لون الدولار الأخضر، وبات توقيت الحديث عنها مرتبط بحجم المبلغ المدفوع من قبل “الجزيرة”.
في الفيديو المرفق، مثال صغير كيف باع عزمي بشارة ذمته ليبرىء “ذمة الجزيرة” التي لم نعد نعلم في خزنة من هي الأخرى وضعت ذمتها.
عزمي بشارة.. كغيره من لاعقي الشيكات الخضراء، أطلق لسانه على شاشة الجزيرة محرضا على سورية ومنتقدا لقيادتها….سورية التي آوته قبلا، وآوت قبله ولاتزال عددا كبيرا من الفلسطينيين وقادة مقاومتهم الذين نفتهم إسرائيل، سورية التي أبقت للفلسطينيين بعض الكرامة والأمل حين باع زعماؤهم الكرامة وتاجروا بالأمل الفلسطيني.
عزمي بشارة انضم إلى جوقة الأصوات التي تعلو وتنخفض بحسب سعر صرف الدولار الذي يرتفع فقط كلما سفح دم الشعوب الممانعة لزعماء الدولار.
الحوار المسجل “تحت الهواء” في هذا الفيديو.. مثال بسيط عن طبيعة المساومات الجارية هذه الأيام ضد هذا الوطن الذي كان كريما مع أناس ساقطون.
بصوت خافت.. يساوم عزمي بشارة مقدم البرنامج “الظفري” الذي يؤكد لبشارة أنه “بيض وجه المؤسسة” ضاربا بيده على صدره وأن ماقاله سينال رضى “مدراء” الجزيرة.
نذكر “المفكر” عزمي بشارة هنا…. بأن ثقل الإنسان لايحدد بحجم “كرشه” وحسابه البنكي، بل بوزن الضمير الذي يحمله.
“الأردن بلا…. والسعودية تمام…. وبيضت وجه المؤسسة (الجزيرة) .. والبحرين بيكفي…..وتساؤل: 40 دقيقة لسورية تكفي؟”..
طبعا 40 دقيقة لاتكفي عزمي بشارة ولاتكفي “الجزيرة” للامعان في خيانة الفكر والوطن، وهو من أشاد دوما بمواقف سورية وقيادتها وتحدث سابقا عن الحرب المحتملة على سورية بسبب مواقفها القومية.
لكننا نعلم ياعزمي بشارة أن القنوات الفضائية تدفع مالا مقابل كل لقاء تستحضرك فيه إلى استديوهاتها.. ونعلم لم تتمنى لو كان الوقت المتاح لك لبث السم أكثر من 40 دقيقة…. ونعلم لما طلب مقدم البرنامج “من الشباب” تمديد البرنامج…. فلكما زاد زمن السم زاد عدد الدولارات.
أحرق كتابك عزمي بشارة… أحرق كتابك “أن تكون عربيا في أيامنا” وأعد مرات ومرات عد دولاراتك من خزنة “الجزيرة”….فالسوريون فقط بات عليهم أن يدفعون بدمهم ثمن أن يكونوا عربا في أيامنا.
إن عضوية الكنيست الصهيوني، هذا الكنيست الذي يتوجب على كل من يدخله أن يقسم يمين الولاء لدولة العدو، تشكل اختراقاً تطبيعياً في العقل الجمعي العربي والفلسطيني، فضلاً عن كونها تعطي وجهاً ديموقراطياً زائفاً لدولة العدو.
أما عضو الكنيست الصهيوني عزمي بشارة، فهو ليس مجرد عضو في هذا الكنيست بل هو من اكبر دعاة التعايش مع العدو الصهيوني، ويشهد على ذلك سجله الحافل بالإدانات للعمليات الاستشهادية وبدعوات التفاهم مع الرأي العام الصهيوني.
وقد أكد عزمي بشارة على هذا الموقف غداة الانسحاب الصهيوني من لبنان علناً، وان كان قد زاد من هجومه اللفظي على الصهيونية مع بداية الانتفاضة، كما يفعل السيد بشارة دائماً تساوقاً مع الموسم السياسي والموجة الشعبية.
وتقول حركة أبناء البلد في الأرض المحتلة عام 1948 ان عزمي بشارة يشارك بفاعلية في محاولة أسرلة جماهيرنا العربية الفلسطينية في الداخل من خلال جهوده لإشراكها في النظام السياسي الصهيوني، وحتى في الانتخابات الأخيرة بين باراك وشارون فقد بقى يدعو للتصويت بورقة بيضاء حتى فرضت المقاطعة فرضاً على الطامحين برئاسة وزارة “إسرائيل” مثل عزمي بشارة، علماً بان المشاركة العربية في النظام السياسي الصهيوني تقدمه بصورة ديمقراطية زائفة أمام الرأي العام العالمي.
أخيراً وليس أخراً إن النائب بشارة من دعاة الدولة الثنائية القومية في فلسطين، وهو الأمر الذي يتنافى مع مبدأ عروبة فلسطين ويتناقض مع الميثاق الوطني الفلسطيني. إن اخطر ما يفعله النائب بشارة هو التبرير العقائدي للإستيطان الصهيوني في فلسطين، وهو يعتبر أن اليهودية قومية لها حق تقرير المصير، ويضلل الرأي العام بطرح المشكلة الأساسية مع الصهيونية في فلسطين على أنها مشكلة عنصرية لا مشكلة احتلال أولاً.
أيها الاخوة، إن ظروف الانتفاضة تتطلب منا موقفا ثابتا ضد كل أشكال التطبيع، وعلى رأسها التطبيع الايديولوجي الذي يقدم المسوغات للإستيطان الصهيوني في فلسطين، والتطبيع السياسي الذي يساهم في أسرلة الجماهير العربية في الأراضي المحتلة عام 1948، من خلال إعطاء المشروعية للنظام السياسي الصهيوني عن طريق المشاركة الجماهيرية العربية فيه.
وما يلي مقال كتب رداً على الذين انتقدوا طرد عزمي بشارة من مخيم البقعة بسبب مواقفه السياسية المشينة:
هل عزمي بشارة من المطبعين؟
إن سوء الفهم الأساسي لموقف معارضي دخول عزمي بشارة إلى مخيم البقعة، ينبع من الخلط المقصود أو غير المقصود الذي روجت له بعض الأقلام، بين الموقف من أهلنا وشعبنا العربي الفلسطيني في الأراضي المحتلة عام 1948، والموقف من عزمي بشارة وما يمثله. فالميثاق الوطني الفلسطيني يقول بوضوح “أن الشعب العربي الفلسطيني يشكل وحدة واحدة نفي كافة أماكن تواجده”، وهذا ينسحب بالضرورة على أهلنا وشعبنا الصامد في الأراضي المحتلة عام 1948، ولكنه لا ينسحب بالضرورة على عزمي بشارة، بحكم الدور السياسي والأيديولوجي الذي ما برح يلعبه لتسويغ الاستعمار الصهيوني لفلسطين. وهذا الدور يتجاوز في خطورته التنازلات السياسية التي قدمها أو سيقدمها المفاوضون الفلسطينيون في أوسلو وواي ريفر وكامب ديفيد وغيرها.
ويتمثل هذا الدور بتسويق مجموعة من الاطروحات التي تشكل الجوهر الحقيقي لخط عزمي بشارة، بغض النظر عن إثارة هذه القضية الجزئية أو تلك ضد الاحتلال والتي يمكن أن تتبناها أية منظمة حقوق إنسان، أو حتى بعض من يسمون أنفسهم ب”المعتدلين الصهاينة”.
وأول وأخطر هذه الاطروحات القول والدعوة لفلسطين ثنائية القومية، وهذا يشكك بعروبة فلسطين، وبمشروعية النضال الوطني الفلسطيني من نهايات القرن التاسع عشر. فأطروحة فلسطين ثنائية القومية، أي فلسطين عربية ويهودية، تبرر الاستعمار الصهيوني لفلسطين، وتقدم السند الأيديولوجي للوجود الصهيوني القسري فيها. ونحن قد لا نملك القدرة الآن على تحرير فلسطين من النهر إلى البحر، ولكن هذا لا يعني بأي حال من الأحوال تقديم المبررات لحق “إسرائيل” بالوجود على طبق من هزيمة.
وتشكل أطروحة فلسطين ثنائية القومية العقدة الأساسية في خط عزمي بشارة، فتولد بدورها مجموعة من الطروحات الاستسلامية التي تنسجم مع هذه المرحلة الرمادية، ومن هنا تأتي إدانات عزمي بشارة المعروفة للعمليات الاستشهادية، والدعوة عوضاً عن ذلك إلى كسب الرأي العام “الإسرائيلي”. وقد أكد ذلك مجدداً يوم 28 أيار المنصرم على قناة الجزيرة ا لقطرية عندما قال أن تجربة حزب الله غير قابلة بالضرورة للتطبيق على فلسطين لأن الرأي العام “الإسرائيلي” كان يؤيد الانسحاب من جنوب لبنان، ولكنه لا يؤيد الانسحاب من غيره، حسب قول بشارة، وهذا يجعل الرأي العام “الإسرائيلي” العامل الأساسي في المعادلة، وليس المقاومة اللبنانية التي أجبرت الرأي العام “الإسرائيلي” على تكوين القناعة بضرورة الخروج من جنوب لبنان.
ويؤدي القبول بأطروحة فلسطين ثنائية القومية وبالتالي الاعتراف بشرعية الاستيطان الصهيوني في فلسطين، إلى طرح قضية حق العودة على أنه حق فردي بالعودة إلى “إسرائيل”، أي يتحول حق العودة هنا إلى حق الحصول على أوراق ثبوتية “إسرائيلية”، وبالمقابل يؤدي الإصرار على عروبة فلسطين، أي عروبة أرض فلسطين، إلى ربط حق العودة بالتحرير. وبغض النظر عن إمكانية تحقيق حق العودة الفردي، أو الحق العربي الثابت في الأرض الفلسطينية، في الوقت الحالي، فإن الفرق بين الحقين يساوي الفرق بين خط يتعامل “واقعياً” مع وجود دولة الكيان الصهيوني، والاستعمار الصهيوني في فلسطين، وخط يربط قضية فلسطين بصراع الأمة العربية ككل ضد الصهيونية.
وعدم إدراك هذا الفرق هو الخطأ الذي يقع فيه أحد الكتاب على صفحات العرب اليوم، عندما قال أن مقاومي التطبيع الذين يصرون على حق العودة، فإنهم سوف يكونون بالضبط مثل عزمي بشارة. وفي هذا خلط كبير، لأن هذا الطرح يعتبر أن حق العودة يساوي حق الحصول على أوراق ثبوتية “إسرائيلية”، ولكن هذا ليس حق العودة، فالعودة غير ممكنة بدون تحرير.
إن الدعوة لدولة لكافة مواطنيها، كما يدعو عزمي بشارة، تتساوق في هذه المرحلة التاريخية مع هجمة العولمة الداعية إلى تفكيك الدول الوطنية والسيادة الوطنية، وتتساوق مع برنامج الشركات متعدية الحدود، والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي في تفكيك الانتماءات الوطنية والقومية لمصلحة انتماء إنساني في ظاهره، رأسمالي غربي في جوهره. ولكن تطبيق هذه الدعوة على ظروف الفلسطينيين بالذات، يحمل من المخاطر أكثر مما يحمل في أية دولة عالم ثالث أخرى، لأنه يعني تصفية القضية الفلسطينية، وضرب انتمائنا القومي والحضاري، لمصلحة وجود شرق أوسطي، الأمر الذي يتماشى في جوهره مع المخططات الصهيونية الجديدة بالسيطرة على السياسة والثقافة والاقتصاد، بدل السيطرة المباشرة على الأرض.
إن عزمي بشارة يتم تسويقه بحماسة في أجهزة إعلام النظام الدولي الجديد بالذات، لأنه رمز الفلسطيني المعولم، الذي لا يشدد على الانتماء القومي والحضاري، والذي يستعد لقبول الآخر الصهيوني على أرض فلسطين المحتلة، وهذه قضية يدركها بشارة جيداً، ويستفيد منها للحد الأقصى، في الوقت الذي يثير فيه هذه المسألة الجزئية ضد الاحتلال أو تلك، بما لا يتجاوز السقف المسموح به ضمن المجتمع الصهيوني نفسه.
ولو بقي عزمي بشارة ضمن إطار العمل على نيل حقوق أقلية للعرب الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 1948، كما كان يفعل غيره من أعضاء الكنيست العرب، لما أثار على الأرجح كل ردة الفعل هذه ضده، رغم اعتراضنا على عضوية الكنيست من حيث المبدأ، لأنها تعطي وجهاً ديمقراطياُ لدولة العدو الصهيوني أمام العالم، في الوقت الذي تحتل فيه أرضنا وتقتل شعبنا. ولكن عزمي بشارة تجاوز هذا السقف المطلبي إلى لعب دور سياسي وأيديولوجي خطير في تسويق الصهينة والعولمة والشرق أوسطية، كما سلف، وحتى إلى لعب دور حامل رسائل بين نتنياهو وسوريا. وهذا هو الأساس، وليس تعليق صورة القائد الراحل جمال عبد الناصر على جدار مكتبه كما يقال. هذا مع العلم أن من رشح نفسه لرئاسة وزارة الكيان الصهيوني، يصعب عليه أن يكون قومياً عربياً كما يدعي.
إما إدعاء البعض أن انتفاضة أهل مخيم البقعة ضد ما يمثله عزمي بشارة تعبر عن “أزمة مقاومي التطبيع في الأردن”، وكان أحدهم قد دعا قبل ذلك إلى توجيه الجهود لمقاومة التطبيع في الأردن، وليس لمقاومة عزمي بشارة، فهو من قبيل الخلط والتشويش. فمقاومة التطبيع في الأردن، رغم ما تحتاجه من تطوير وتصعيد، جارية على قدم وساق. ومثل كل مقاومة، لا يمكن أن نتوقع منها أن تقدم ثمار النصر سلفاً، ولكنها موجودة باعتراف العدو والصديق.
أما تعريف التطبيع، فقد حددته لجنة مقاومة التطبيع في مجمع النقابات المهنية بما يلي:” كل فكر أو قول أو فعل أو عمل اختياري أو صمت أو قبول لفكر أو قول أو فعل أو عمل يؤدي إلى أو يعمل على إزالة حالة العداء مع المحتل الصهيوني الدخيل”، وبناءً عل كل ما سبق، أليس من الطبيعي جداً أن ينطبق هذا التعريف على عزمي بشارة وأمثاله؟؟.
د.إبراهيم علوش