عواد سالم

احداث مصر

مهلاً حكماءنا .. ورفقاً بشعبنا

نري النخبة المثقفة والذين ارتأوا الدستور أولاً قبل الانتخابات في وسائل الإعلام المختلفة “المقروءة والمسموعة والمرئية”.. يتحاملون علي عامة الشعب الذين اختاروا “الاستقرار أولاً” حينما صوتوا علي التعديلات الدستورية “بنعم”.. ونري أيضاً اتهاماتهم تتقاذف يميناً ويساراً بأن الشعب المصري جاهل بالديمقراطية.. وهذا صحيح وأنتم كذلك جهلاء بها.. فأين نحن من الديمقراطية؟!.. ليس كل من قرأ كتاباً عن الديمقراطية هو عالماً بها.. فالديمقراطية منهج وسلوك يحتاج للتطبيق العملي علي أرض الواقع وليست مجرد نظريات نثقف بها أنفسنا.. والنظام البائد لم يكن ليسمح بذلك.. إنه كان يتحدث فقط “مجرد كلام” عنها.. أما التطبيق العملي فلا.. من حقك أن تدلي برأيك صراحة ومن حق النظام أن يسجنك!!.. فمن إذن يريد أن يذهب إلي الجحيم بكلتا قدميه؟!.. من كان منا يطيق أن يري زبانية أمن الدولة وهم يسحلونه إلي المعتقل مثواه الأخير.. ليس وحده فقط بل كل من يمت له بصلة من قريب أو بعيد يتأذي أقسي الأذي بسببه؟!
إن الشعب المصري كان كالمارد الذي خرج من قمقم العبودية إلي فضاء الحرية الرحب. كي يسبح فيه ويتنسم عليله.. خرج فجأة من الظلام الحالك إلي النور الساطع.. أتراه يبصر طريقه من أول وهلة؟!.. أم يتخبط هنا وهناك حتي يتحسس الدرب القويم؟!.. وهذه هي طبيعة الحالة الراهنة “المرحلة الانتقالية” التي نعيشها الآن.. فمن الطبيعي أن نري تعثراً أو ارتباكاً أو تخبطاً أو عشوائية فهذا كله من سمات الفترة الآنية وليس من ذلك قلق.. وإنما القلق كل القلق من استيراد نموذج إفرنجي للديمقراطية وفرضه علي الشعب المصري.. هذا الشعب الذي انصهرت في جوانحه جل حضارات العالم علي مر الأزمان والعصور دون أن تتلون شخصيته أو تتزعزع إرادته.. هذا الشعب الذي كان ومازال وسيظل محل إبهار وإعجاب وتقدير العالم كله من أقصاه إلي أقصاه.. ألا يستحق هذا الشعب العظيم أن نمنحه الفرصة كي يمارس الديمقراطية علي طريقته وهواه؟!.. دعوه يسبح في بحورها ويلاطم أمواجها ولا تخشوا عليه من الغرق فهو قادر علي اجتيازها بامتياز كأمهر السباحين وأقدر الغواصين.. فلربما ينتج لنا ديمقراطية مصرية الصنع “صنع في مصر” ينبهر بها العالم أيضاً كما أبهرهم سابقاً ولاحقاً.. ديمقراطية تتماشي مع عاداته الراسخة وتقاليده الأصيلة ومبادئه النبيلة.. أين كنتم يا من تدعون الحكمة والمعرفة بالديمقراطية حتي تعلمونا كيف تكون الديمقراطية الحقة؟!
الآن فقط استطعتم ــ بفضل هذا الشعب الذي تعيبونه ــ والعيب فيكم ــ أن تخرجوا من الجحور وتصعدوا المنابر وتعلوا الحناجر لتقذفوه بتلك اللعنات.. لا.. مهلاً حكماءنا.. ورفقاً بشعبنا.

اقرأ ايضاً صفحات رأي متعلقة على جريدة احداث اليوم:

اضيف بتاريخ: Saturday, August 20th, 2011 في 03:13

كلمات جريدة احداث: , ,

اترك تعليقاًً على هذا الرأي