عمرو عزت

احداث مصر

30 يونيو الطريق الاسلم

للأسف

رغم كل أمانينا وأسفنا إلا إن اتخاذ الموقف بناء على “صورتين” مزيفتين مش هايفيد بأي شيء:

الصورة الأولى: “أننا قدام أجهزة دولة تحترم حقوق الإنسان، أو بتعرف تحترمها، بتواجه احتجاج سلمي أو عنيف” وبالتالي تكون رغبتنا “يجب على أجهزة الدولة أن تحترم حقوق الإنسان”. دي رغبتنا وأمانينا واتجاه مطلبنا ، لكن الحقيقة إن طلب تحقق دا حالا بالا هو من الأماني غير الواقعية. طبعا مش علشان عقارب الساعة عادة إلى الوراء وانهارت “منجزات الثورة” لكن لان عقارب الساعة فيما يخص الدولة لم تتقدم أصلا إلى الإمام ولم يمسها ريحة ثورة.

الصورة الثانية: “أننا قدام ثوار أحرار عاوزين الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان في مواجهة أجهزة دولة معادية لهم وللثورة” وبالتالي يكون موقفك التعاطف مع حركتهم ومطلبهم وتبقى استجابتك لنتاج العنف بينهم هو إن الناس دول على الحق بيواجهوا بطش الدولة الأمنية العائد – اللي هو مش عائد ولا حاجة.

الوضع المعقد اللي احنا فيه هو معكوس الصورتين المزيفين: احنا قدام أجهزة دولة لم يسمها ثورة ولم تتقدم ناحية احترام حقوق الإنسان والديمقراطية في مواجهة ثوار مزيفين ما عندهمش أدنى رغبة في التقدم نحو الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان ولذلك كان سهل عليهم يتحالفوا مع أجهزة الدولة – اللي مش مهتمة بالحرية والحقوق الإنسان- ما دام دا بيخدم سلطة الثوار المزيفين. ولأن التناقض بين ثوار عاوزين الحرية والحقوق ووصلوا السلطة وبين أجهزة دولة مستهترة بيهم مش موجود. مجرد تناقض مزيف. لأن الأصل عند الثوار المزيفين دول هو “السلطة” مش الحقوق. وبالتالي اتفاقهم على استقرار “السلطة” يحل المشكلة ويخلي التحالف شغال.

قسم من اللي نزلوا 30 يونيو ومكملين بعده هم مبدئيا ضد الاثنين- اللي كانوا متحالفين. لكن في النهاية هم مش مع هدم أجهزة الدولة لكن مع تحريرها لكنهم مع هدم سلطة الثوار المزيفين وفصلها عن أجهزة الدولة لأنه دا الطريق الوحيد لتحريرها بعيدا عن استغلالها لتثبيت سلطة ثوار مزيفين.

ونتيجة لأن الثوار المزيفين كمان أغبيا وفاشلين فكان نجاح 30 يونيو إنه كسر التحالف بين الطرفين. وبشاعة اللي بيحصل دلوقتي هو إن الثوار المزيفين مش شايفين أي طريق إلا الدفاع عن سلطتهم وعن ثورة تخصهم – علشان سلطتهم أو علشان “إسلاميتهم” المتوهمة – وبين قادة الثوار المزيفين السلطويين دول وبين قادة أجهزة الدولة اللي انقلبوا عليهم صراع وجود. كل واحد بيدافع عن نفسه لأنه ببساطة لو خسر هايبقى في السجن أو ميت. ولذلك الثوار المزيفين السلطويين بيتصرفوا في المجمل عكس أي اتجاه ممكن لديمقراطية – وبطريقة انتحارية تماما – وبطريقة فيها استهانة بحقوق الإنسان داخل تجمعاتهم المنظمة اللي واقف وراها أكبر تنظيم في مصر- وكمان أجهزة الدولة بتشتغل زي ما بتعرف تشتغل وزي ما اتعودت وزي ما اتسابت من بداية الثورة، مش مضطرة تعدل كتير من طريقتها لأن كل سلطة كانت موجود كانت محتاجاها زي ما هي علشان “الاستقرار” ولأنه سلطة الثوار المزيفين بدل ما تعمل “تحالف واسع للتغيير” يواجه فساد الدولة، عمل تحالف سلطوي مؤقت في طريقه للتقدم ناحية مشروعه السلطوي اللي مش مهتم من العدالة والحقوق إلا بأشكال تاريخية صورية تافهة أو طائفية تتخيل إن استتباب سلطتها على الخلق وتوقفهم عن المقاومة وطلب الحرية هو البداية وبعدين بعدها “خلفاء الله” هايعدلوا بين الناس وكل شيء هايبقى تمام.

اللي بيحصل دلوقتي. إنه على الأرض رغم كل ولولة الثوار المزيفين أعداء حقوق الإنسان لكن “منظمات حقوق إنسان كتير” بتسعى لتوثيق كل اللي بيحصل ضد الثوار المزيفين وإدانة أجهزة الدولة ومطالبتها إنها تكون مثالية. من المعلومات اللي عندي التعاون ضعيف جدا مع المنظمات المصرية – ومنهم المنظمة اللي باشتغل فيها – لكن التعاون هايل مع المنظمات الدولية ( دا مفيد جدا علشان موقفهم الدولي).
لكن في النهاية الثوار المزيفين بيحاولوا يقولوا “أين حقوق الإنسان” ويزنقوا الناس في مربع الرغبة حالا في “الصورة المزيفة رقم واحد” – ارجع تاني فوق – ولأنها مزيفة وقدام الصريخ والدم بيظهر أكثر زيفها، فالناس تتزنق في الصورة مزيفة رقم اثنين – ارجع تاني فوق – وتتعاطف مع حركتهم علشان سلطتهم وتبدأ تشعر إن التقدم في طريق خيار 30 يونيو وهدم سلطتهم دا شيء سلبي.

موقفي هو ضرورة تجاوز الصور المزيفة دي، وإن التقدم على طريق 30 يونيو خيار سليم تماما ومؤسف جدا وتكاليفه عالية جدا، لكن بديله هو إن إن الطرفين البشعين يكونوا في طرف واحد وتبقى دولة ثوار مزيفين سلطويين طائفيين بيكرهوا – أو مش مهتمين حقيقي – بحقوق الإنسان ومعاهم أجهزة دولة وبطش بتكره – أو مش مهتمة حقيقي- بحقوق الإنسان. كابوس. طبعا دلوقتي فيه ثوري سلطوي مزيف بيقول “عااااا. طيب يعني دا بديلكم؟ حقوق الانسان تتفشخ كدا ونموت”. الحقيقة ان البديل المؤسف الأقل أسفا إن الطرفين البشعين دول يبقوا في طرفين مختلفين رغم كل المأساة، وللأسف ولولتك مش هاترجعني أتعاطف مع عودة الطرفين البشعين علشان يبقوا فيه طرف واحد ضدي. للأسف مضطر المرة دي “تموت بغيظك” أو تموت حرفيا لو مستعد تكمل حرب علشان سلطتك. يا إما تفكر معايا إزاي نروح في اتجاه حرية حقيقية واحترام حقوق إنسان حقيقي.

طريق 30 يونيو هو الطريق الأقل أسفا رغم كل الابتزاز. وأسفه القادم هايخففه إن ثوار بيحاولوا يكونوا فعلا مع الحرية وحقوق الإنسان مش بس بيستخدموها للولولة كجزء من تكتيك استعادة السلطة وإنهم مش هايعملوا نفس التحالف السلطوي بين ثوار مزيفين ودولة قذرة. ولو واخد بالك يا عزيزي الثائر المزيف، فهم دول الناس اللي بتحاول تتعلم حاجة عن الثورة من أجل حرية وحقوق “الكل” و اللي محتارين دلوقتي وبيتخانقوا مع بعض وبيجتهدوا إزاي يقفوا جنب بعض حقوقك رغم كل شيء وفي نفس الوقت ضد عودة سلطتك.

شايفهم؟

أنا حابب أكون واحد مع الناس المحتارة والمتلخبطة دي لدرجة إنهم بيتخانقوا مع بعض بعنف. متسامح مع كل اللي عاوزين يدوروا على نقطة توازن مستحيلة. لكني لأني مش مغفل حابب أفكرك إنك ماشي عكس اتجاه الثورة والحرية وحقوق الإنسان وإني هاقول للناس ما ترجعش عن الطريق المؤسف ل 30 يونيو علشان تعاني من طرق تانية أكثر أسفا. وبكل أسف مضطر أقول لك إنك لو هاتمشي عكس اتجاه 30 يونيو في الحقيقة قدامك خيارين: تنتصر “علينا” انتصار ثوري وتقهرنا وتخضع الدولة القذرة دي لسلطتك تاني، أو للأسف فإنك هاتواجه جزء من مشكلتك وأزمتك اللي مش معترف بيها “عدم اهتمامك بالحرية بجد وحقوق الإنسان بجد” مشكلتك دي هاتواجهك في الشوارع على هيئة أجهزة دولة تسامحت معاها ودعمتها لأنها كانت في صفك” لكن دلوقتي مستعدة تقتلك. ولما تواجه مشكلتك دي ومصمم على استعادة سلطتك – ولأنك مش هاتعرف تبتزني وأقف في صفك – فإنت بكل أسف .. هاتموت.

اقرأ ايضاً صفحات رأي متعلقة على جريدة احداث اليوم:

اضيف بتاريخ: Saturday, July 27th, 2013 في 17:03

كلمات جريدة احداث: ,

اترك تعليقاًً على هذا الرأي