بقلم : اسامة محمد علي حجاب

احداث مصر

ضغطة زر

لم اجد تعبيرا في حالتنا هذه يعبر عما دار في ذهني الا اجابة سمعتها ايام الانتخابات عن سؤال يتدوال بين الناس عن السر في انحسار الانفلات الامني والبلطجة ايام الانتخابات فكان الرد من بعض الظرفاء ” بضغطة زر ” وبغض النظر عمن يملك الزر ومن يضغط عليه ويعرف مكانه كان الرد جميلا ” ضغطة زر “

ضغطة زر وتتوقف الدماء النازفة !!! ضغطة زر ويتوقف القتل !!!! ضغطة زر وتتوقف السرقات !!! ضغطة زر ويتوقف الانفلات الامني لفترة ثم يعود من جديد ليهدد المواطن البسيط الذي يقف حائرا عاجزا عن تحديد مكان الزر وصاحبه ومن يضغط عليه ولم لا تُلغي دائرته الكهربية ؟ انه يستطيع فعل ذلك في وقت قياسي ولا يدري المسكين ان من يملك الزر اناني ،غير وطني مثله،  يحافظ على المفاتيح التي يملكها في الدولة والتي من خلالها يثير الشارع ويهدؤه تبعا لمصالحه ومصالح اسياده القابعين على حاملة الطائرات في البحر المتوسط.

كنت لسذاجتي اعتقد ان سيناريو ميدان التحرير واحمد محمود ومجلس الوزراء سيتكرر من ” الثوار ” بمجرد رفع الحظر عن التسعة عشر امريكيا المتهمين في قضية التمويل الاجنبي وان ميدان التحرير سيعج بالثوار والاحتجاجات وان صلاة الجمعة ستكون مناسبة جيدة لهم للاحتشاد للثأر ” لكرامة مصر ” التي تمرغ انف قضائها الشامخ رغما عنه في وحل السياسة الامريكية المتراجعة الى خط الدفاع الاول بعد دفع الفدية وابرام  الصفقة مع العهد الجديد !!! ولكن لم تحدث حتى وقفة احتجاجية ولو بسيطة ! ربما كان السبب حالة الطقس أو ربما كانت “ضغطة الزر” قوية !!!

الاراجوز

كنت في مقال سابق نشر بعنوان ادارة الفوضى على مسرح الثورة وبعنوان الاراجوز على اخوان اون لاين قد حاولت ازالة الغبار عن اللعبة التي تجري بمعية الاراجوز الكبير العتيد الذي فرخ وعشش حتى في عقولنا وليس فقط في اوطاننا ، وانه يمسك بالخيوط كلها لادارة الفوضى في بلادنا فهو يمثل مسرحية الفوضى التي تهدف الى تقسيم مصر  عن طريق الدمى التي اصطنعها في كل موقع  فقد كان ومازال هو الثائر وهو رجل الامن سواء كان ضابطا أوجنديا وهو ايضا القائد العسكري وجندي الشرطة العسكرية وهو البلطجي والمنظر الحزبي والسياسي وكاتب المقال والمصور والمخرج والمذيع في برامج التوك شو ، والديزاينر للجرافيك المستخدم في التلفيق ، بل وصاحب القناة أحيانا !!! وهذه بحق هي قمة الاحترافية التي وصل اليها  ذلك الاراجوز الخبيث استاذ ابليس نفسه ، فعبر استخدامه لاحدث ما توصلت اليه التكنولوجيا العلمية بالاضافة الى حساب الاموال المفتوح على مصراعيه للانفاق على هذه المسرحية  والمنهوبة اصلا من دماء شعوبنا العربية والاسلامية؛ اظهر قدرة فائقة على ادارة المسرح باحترافية، ماضيا نحو هدفه المنشود بتقسيم مصر؛ ان لم يكن لاربع فليكن لاثنتين مبدئيا كما فعل مع السودان.

فهل يعقل من مدير المسرح ان يوعز الى ” ثواره ” والى باقي عرائسه بالاحتجاج “والثورة” عقب الافراج عن التسعة عشر موظفا امريكيا  والذين يعملون لديه في ذات المسرحية ؟؟

ولذلك ضغط على الزر فلم تحدث احتجاجات !!!

ضغطة الزر ( الصفقة ):

لو سالت اي قارئ عن سيناريو الصفقة التي تمت لقال بعفوية : سلطة المرحلة الانتقالية لديها آلاف الملفات المفتوحة على مصراعيها وقد اطارت هذه الملفات النوم من عينيها، وهي تسعى جاهدة لغلقها واحدة تلو الاخرى ، كملف المعونة التي تهدد البلاد اقتصاديا، ملف الانفلات الامني الذي ياتي معظمه من صاحب الزر ، ملفات انتخابات الرئاسة وكيفية الخروج منها بالعافية وضمان ما بعد الانتخابات، ملفات الفساد الكثيرة ، انخفاض الاحتياطي المالي والقمحي، المرتبات المليونية، الصعود الاسلامي وصعوبة تكرار سيناريو 54 ، والسعي لضمان عدم فتح ملفات الفساد التي تضر بالامن القومي المصري …….وغيرها من الملفات.

وبالتالي فان اي وطني غيور ودون تملق لاحد سيسعى ان كان بعيد النظر وذا رؤية حكيمة لا تستجيب لردود الافعال للحصول على مكاسب من هذه الصفقة ليس لنفسه هذه المرة بل لمصر كلها وهذا يفسر لنا اسرار الصفقة دون الاطلاع عليها فاعتقد ان اول المكاسب هو ايقاف الانفلات الامني المدعوم من الخارج ( لان هناك انفلاتا آخر اقل وطأة يُدعم من الداخل ويفيد السلطة احيانا ) فبضغطة زر واحدة يتوقف كل شئ الا ماكان من الابواق الاعلامية التحريضية التي تعمل بآلية حلاوة الروح والتي تعتبرعملها هذا بمثابة استمرارية لعمليات الاحماء حتى اذا ما تهيأت المسرحية الجديدة كانت ستاند باي هي وابواقها للعمل الجديد.

كذلك تحصل مصر من هذه الصفقة على 32 مليون جنيه مصري ( حلوين) ، واستمرار المعونة 1.3 مليار دولار  للعام 2013 كما صرح اوباما ، والدعم باتجاه حصول مصر على قروض بشروط ميسرة من البنك الدولي وغيره بقيمة 10.8 مليار دولار، والتي ستسهم بشكل فعال في تسيير الوضع الاقتصادي المتدهور منذ اندلاع الثورة وستعمل على المضي قدما بالمشاريع المعطلة و…و…وستسهم في تامين المرتبات المليونية ومن تحت الطاولة هذه المرة وبطريقة الصناديق البعيدة عن الكشوفات.

كذلك من مكاسب هذه الصفقة تسليم حسين سالم الهارب الى السلطات في مصر ليدل على باقي الاموال التي نهبها مقابل صفقة اخرى ومن ثم تتحسن الحالة الاقتصادية.  لا تقل لي اسبانيا غير امريكا والقضاء الاسباني و .. و … دعونا نحرج من شرنقة السذاجة قليلا.

كذلك ستعمل هذه الصفقة على ضمانة عدم تكرار ما كان يحدث من انفلات امني مدعوم من الخارج ؛ وعلى الاقل الى نهاية الفترة الانتقالية أما عند تسليم السلطة لرئيس مدني فساعتها سيكون لكل حادث حديث  ولكل انفلات وقته وطريقته.

مكاسب قوم عند قوم  مخاوف

ومن مكاسب هذه الصفقة والتي هي مكاسب في جانب ومخاوف في جانب آخر ما يلي:

تفرغ السلطة بشكل كامل لعملية قصقصة ريش التيار الاسلامي المنتفش دون منغصات واللعب في الساحة بحرية على حبال التوازنات المختلفة وضرب الاتجاهات المختلفة ببعضها للتقليل من مساحة تأثيرها في الشارع ، ولا ننسى هنا ما صرح به احد اقطاب السلفية حين استدعاهم احد القيادات العسكرية بعد الثورة بفترة طالبا وسائلا باستنكار ” شكلوا احزاب انتو هاتسيبوا الساحة فاضية للاخوان ياكلوها والعة ؟ ” فهو يريد توازن للقوى ولو كانت على غير مزاجه المهم ان يقف بعضهم لبعض وهذا ما نراه الان على الساحة من اختلاف الرؤى والمشاريع وعدم الاتفاق حتى على الاولويات التي انتخبهم الشعب من اجلها ، واذكر هنا ما اورده المحامي شوقي خالد في كتابه محاكمة فرعون عن امر السادات لمباحث امن الدولة بلاظوغلي في بدابة السبعينات بان تستحدث جماعات اسلامية على الساحة ذات اتجاهات مختلفة تعمل على تفتيت القوة الاساسية التي استعصت على الابادة في العهد الناصري قكان الجزاء من جنس العمل !! فهل يربي احدٌ اسدا في بيته؟

من المخاوف المباشرة هو السعي الحثيث لحكومة الجنزوري للحصول على قروض ليس فقط 3.2 مليار دولار ولا 6.4 مليار دولار بل 10.8 مليار دولار ذات قوة قتل ثلاثية !!!  من اجل تُكبيل الحكومة والرئيس القادمين  بديون لا قبل لهم بها وليخرجوا من الحلبة السياسية اذلة وهم صاغرون، أو ان يقدموا  تنازلات سياسية ستكون في الاغلب لصالح اسرائيل للخروج من دائرة الديون.

هل بدل النظام ملابسه و فقط ؟

كنت ايضا لسذاجتي ” فانا احيا في عصر السذاجة ”  اعتقد ان نظام حسني مبارك قد تغير ولكن الحسرة ابت الا ان تطبق على انفاسي عندما رأيت رئيس وزراء الحكومة الفلسطينية  “المقالة”  يستقبله مدير المخابرات العامة ، ولا يستقبله حتى مسئول في حكومة الجنزوري فضلا عن المجلس العسكري ، فلا يزال الملف امنيا كما نرى حتى بعد “الثورة”  فهل كانت الثورة من الدولة على نظام مبارك؛ ام من الشعب على نظام مبارك؟

ثم يُمنع من الخطبة في الجامع الازهر فليس الازهر مثل القيروان !!!   ثم يصرح ( كما عادة مسئولي حماس لا يوجد عندهم كواليس في السياسية) في خطبة الجمعة ان المسئولين المصريين يريدون بيع السولار “لغزة المحاصرة” لتشغيل محطة الكهرباء  بالسعر العالمي ” دولار للتر”  اي بمعدل 15 مليون دولار شهريا ، وان دخول السولار يجب ان يكون من معبر كيرم شالوم الاسرائيلي وليس من معبر رفح حتى تغلقه اسرائيل وقتما تشاء ، وتجبي من هذه الصفقة ضرائب بمقدار  17% (2.55 مليون دولار شهريا ) تذهب ( هذا ان ذهبت ) لسلطة رام الله وليس لغزة !!! …  ماهذا ؟ هل هذه مصر بعد الثورة ؟ وكأننا نسينا ان حصار ومعاناة اهل غزة كان احد الاسباب الغير مباشرة للثورة.

صفقات سياسية تاريخية مشابهة… ولكن!!!

ان عناوين الصحف الاجنبية كالنيويورك تايمز والواشنطن بوست وغيرها في التحذير من المجلس العسكري وانحيازه للتيار الاسلامي وخطر ذلك على السياسة الامريكية الخارجية؛ لتدغدغ الاعصاب وتحفز الهمم وتطمئن بعض الشئ ، هذا لو نحينا جانبا الطريقة السوفييتية في الدعاية السوداء والرمادية.

وما يدعم هذا الاطمئنان ان في التاريخ الاسلامي صفقات مشابهة مثل:

عدم قدرة الرسول ( صلى الله عليه وسلم )على الاخذ بثار اصحابه الذين قتلوا في كلٍ من الرجيع وبئر معونة فالدولة في ذلك الوقت كانت مهددة من الاعراب في جمبع انحاء الجزيرة العربية ( حيث رمتهم العرب عن قوس واحدة ).

عدم قدرة سيدنا علي بن ابي طالب رضي الله عنه على الاخذ بثأر ذي النورين سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه، وقد كان القتلة معروفين وفي متناول اليد ، ولكن حسابات الدولة غير حسابات الافراد ، فقد قدر سيدنا على رضي الله عنه ان لو فعل ذلك لتفككت الدولة؛  لان القتلة كانوا  متغلغلين في مفاصلها المختلفة.

موافقة صلاح الدين على الصلح الذي عرضه عليه ملك القدس بعد ذبح الحجاج المسلمين من قبل ارناط وذلك لاستكمال استعدادات جيشه  لفتح بيت المقدس وعدم جر الجيش لمعركة جانبية غير متكافئة في ذلك الوقت.

وغيرها كثير من المواقف التي تحتاج لحكمة في التصرف وليس لعنترية تصريحات، ولكن الفرق البسيط بين هذه المواقف وبين ما نحن فيه هو من يتخذ هذه القرارات ؟!! وهل هي للمصلحة العامة فعلا ام لمصالح أخرى ؟!!… الايام ستجيب علينا والتاريخ سيسجل.

اقرأ ايضاً صفحات رأي متعلقة على جريدة احداث اليوم:

اضيف بتاريخ: Saturday, March 3rd, 2012 في 15:09

كلمات جريدة احداث: ,

اترك تعليقاًً على هذا الرأي