أيمن نصر الله

احداث مصر

شرطة عدم الانحياز

كانت مشاجرة عادية بين النوبيين والصعايدة وتوصلوا لاتفاق بينهم يقضي بالصلح بشرط التنازل الموثق وخروج المحبوسين من القضية مع ايقاف التنفيذ ويوم الأحد الماضي حكمت المحكمة بحبس مجموعة من النوبيين المتورطين في المشاجرة ثلاث سنوات مع الشغل فما كان من النوبيين إلا اقتحام المحكمة وحرقها واخراج من صدر ضدهم الحكم.. وقبل أن تسألني عن الشرطة ودورها سأجيبك بأنها كانت موجودة بالطبع ولكنها كعادتها انسحبت فور وقوع الأحداث وغادرت المكان.
الشرطة التي لم تتدخل لوقف أو منع أو محاولة منع مجزرة ستاد بورسعيد ولم تتدخل لوقف أو منع أو محاولة منع خطف السائحين في جنوب سيناء وانحصر دورها علي الوساطة لدي شيوخ القبائل لمحاولة إعادة المخطوفين ولم تتدخل لوقف أو منع أو محاولة منع سرقة سيارات المواطنين بالاكراه والتي أصبحت أمراً عادياً ولم تعد سرقة سيارة مواطن تحت تهديد السلاح خبرا صحفيا وانما الخبر الصحفي الذي يستحق النشر في الصفحة الأولي هو خروجك ليلا بسيارتك علي أي طريق وعودتك ومعك سيارتك والأكثر غرابة حينما تكتشف ان رئيس المباحث الذي تذهب إليه لعمل محضر بسرقة سيارتك يعلم تماما اللصوص بالاسم بل وبأرقام تليفوناتهم المحمولة.
الشرطة التي لم تتدخل في كل هذا وأكثر لن تتدخل لمنع اقتحام محكمة أسوان ويبدو أن اللصوص علموا أن الشرطة غيرت شعارها للمرة الثالثة فبعد أن كان “الشرطة والشعب في خدمة الوطن” أصبح كما كان قديما “الشرطة في خدمة الشعب” والذي تغير أخيراً إلي “شرطة عدم الانحياز” فالشرطة أصبحت تقف علي مسافة واحدة بين جميع الفئات لا تنحاز للمواطن ولا للبلطجي وتركتهم يصفون خلافاتهم دون تدخل حتي لا تتهم الشرطة بأنها تقف مع الشعب ضد اللصوص لا سمح الله وهو ما يتعارض مع شعار الشرطة الجديد.
الغريب أن مجلس الشعب الجديد به أكثر من 16 استجواباً تقدم بها نواب ضد رئيس الوزراء وعدد كبير من الوزراء وكلها لموضوعات ذات صبغة اقتصادية مثل احتكار الموانئ أو مشكلة أرض الضبعة وغيرها ولم أجد استجوابا واحدا يتعلق بمشكلة الانفلات الأمني الذي نعيش فيه منذ قيام الثورة حتي أصبحنا نسمع البعض يترحم علي أيام مبارك وفساده ويقول: “كفاية ان كان فيه أمان وكنا بنسافر علي أي طريق بعد نص الليل واحنا مطمنين” هؤلاء ليسوا فلولاً وليسوا من أبناء مبارك ولكنهم لا يعرفون طعماً للفرحة بالثورة وما حققته وهم يعيشون في رعب وخوف دائم علي أولادهم ومنازلهم وأرواحهم وأموالهم.. فكل أنواع الجرائم تحدث وفي وضح النهار ورغم البداية القوية والجيدة لوزير الداخلية الجديد اللواء محمد إبراهيم إلا أن الأمور عادت اسوأ مما كانت عليه واكتفي مجلس الشعب بأن أعطي مهلة للوزير لإعادة هيكلة الداخلية وقد قام الوزير مشكورا بتشكيل لجان لهذا الغرض وهذه اللجان لا علاقة لها باللجنة التي شكلها الجنزوري في بداية توليه المسئولية والخاصة بإعادة الأمن.. فلا الأمن عاد ولا اللجان انتهت.
البعض يحاول أن يتمسك بالأمل ويؤكد أن الأمور ستعود أفضل مما كانت بعد انتخاب رئيس الجمهورية وكأنه حكم اللقاء الذي سيطلق صافرة النهاية فيخرج اللصوص من أرض الملعب يمسحون عرقهم ويحصون غنائمهم ويتوبون إلي الله بعد أن انفض المولد وانتهي أوكازيون السلب والنهب.. أنا لن أناقش أسباب عزوف الشرطة عن القيام بمسئولياتها فقد تحدثت وتحدث غيري كثيرا ورغم ذلك فلا نعرف كل ما يدور في الغرف المغلقة ولا نعرف متي سينتهي هذا الكابوس.
وأخيراً ..
الميزة الوحيدة لانتشار سرقات السيارات تحت تهديد السلاح هو انخفاض ملحوظ في حوادث تصادم السيارات والتي كان يروح الآلاف ضحايا نزيف الأسفلت فالنزيف توقف أو كاد كما قل الزحام فالبعض ترك سيارته خوفا من سرقتها وعاد لعذاب المواصلات.

اقرأ ايضاً صفحات رأي متعلقة على جريدة احداث اليوم:

اضيف بتاريخ: Friday, February 24th, 2012 في 01:37

كلمات جريدة احداث: ,

اترك تعليقاًً على هذا الرأي