أيمن نصر الله

احداث مصر

قوم يا مصري ماتستهبلش

لماذا قام المصريون بثورتهم؟ سؤال لابد من إعادة طرحه والبحث عن اجابته لأنه سيقودنا إلي اسئلة أخري فبعد مرور عام الا شهرين علي الثورة يجب ان نتساءل هل هذه هي مصر التي كنا نحلم بها؟ ومن الذي استفاد بالثورة وحقق من ورائها مكاسب لم يكن يحلم بها أو يتخيلها؟
فالواقع اننا قمنا بالثورة وبعد نجاحها اجتمعنا علي هدف واحد وحمل كل منا سلمة وضر بناها ضربة رجل واحد والجميع يشرب من دمائها ولا يرتوي.. تصدر المشهد الآن البلطجية واصحاب المطالب الفئوية والفلول واستطاعوا الاستفادة من الوضع الحالي وانهيار النظام السابق وعدم وجود نظام لاحق.. ومازالوا يستفيدون ومازلنا غائبين عن المشهد ونكتفي بالمشاهدة علي وطن يتعرض كل لحظة للابتزاز وتركنا البلطجية والمبتزين يقطعون طريقنا واكتفينا بالبحث عن طريق غيره لنسلكه أو الانتظار ساكنين ساكتين خاضعين حتي تسترضيهم الدولة وتمنحهم عطاياها ليفتحوا طريقنا ويفكوا أسرنا.. فالدولة مازالت منزوعة الهيبة تخشي تطبيق القانون وتستجيب لأي محاولة ابتزاز وتحاول ارضاء الجميع والجميع لن يرضي ولم يجتمعوا علي رب يعبدوه فكيف يرضوا بحكومة أو قانون يطيعوه الأغلبية الصامتة مازالت صامتة وستظل هكذا دائما تكتفي بالفرجة.. تتابع الصراع الدائر بين جميع فئات المجتمع علي الفوز بنصيب في الكعكة ولا يهمهم حتي إذا كانت الكعكة هي حياتهم ومستقبل اطفالهم.. يكتفون بالحديث عن آخر اخبار الاعتصامات والاضرابات والفتن والاعتداء علي اقسام الشرطة وقطع الطرق والتهديد بالانتحار ثم يحللون ويمصمصون شفاههم ثم ينقبلون للحديث عن المباريات والأهلي والزمالك ثم يتركون المقهي ليعودوا إلي منازلهم يتابعون برامج “التوك شو” ليجدوا ما يتحدثون فيه في اليوم التالي وكأن الأمر لا يعنيهم وهم في انتظار الفصيل الفائز الذي سينتصر علي الجميع ويجلس علي كرسي الحكم ليصفقوا له ويحتفلوا به.
أنا لا ألوم الأغلبية الصامتة فهذا حالهم دائما وهذه حياتهم وهم دائما مع الاستقرار ومهمومون بلقمة العيش وصراعم الابدي مع غلاء الأسعار ولكنه اللوم كل اللوم علي المتاجرين بالوطن الذين يرونه مصابا ينزف وكل ما يهمهم هو تفتش جيوبه وسرقته.. يزيدون من أوجاعه ويضغطون علي جروحه ويغمسون اصابعهم في دمائه ليكتبوا علي الجدران “بنحبك يا مصر” فالجميع يحب مصر بطريقته ولكنه يريد ثمن حبه لها.
إذا سألت أي أحد هل تحب الله؟ سيجيبك علي الفور بنعم ولكنه لا يتذكره إلا في الشدة ويلجأ إليه كل يوم ألف مرة ليطلب ويدعو بكذا وكذا ويبدخل عليه حتي بالصلاة والشكر.. يريد ان يمنحه الله الصحة والستر والمال والبنون وينجيه من الشرور ويسأل الله كل الأمور ولكنه حينما يسمع النداء إليه لا يجيب ويأخذه الغرور وهكذا وبنفس المطنق تتعامل مع مصر نريد ان نأخذ منها كل شيء ولكننا ايضا لا نلبي دائها.. ان كان الله الواحد الأحد لا يحتاج لأحد فمصر تحتاجنا جميعا.. فهي ليست إلها نعبده ولكنها وطن نعيش فيه.
ستعود مصر أجمل مما كانت عليه إذا توقفنا الآن عن الهمجية والبلطجة والابتزاز وعدنا كل إلي موقعه يؤدي عمله بما يرضي الله ويؤدي واجبه علي أكمل وجه قبل البحث عن الحقوق.. إذا اختفت اخبار الاعتصامات والاضرابات وحملات التشكيك في كل مؤسسات الدولة واجتمعنا علي هدف واحد هو اعادة بناء الوطن الذي حلمنا به وقامت من أجله الثورة.. إذا عادت المصانع للعمل والانتاج وعاد القضاة والمحامون والمعلمون والاطباء والمهندسون كل فئات المجتمع إلي اعمالهم وعادت الداخلية إلي مهامها سيعود الاقتصاد المصري إلي التعافي وتعود السياحة أقوي مما كانت عليه وسينعكس كل هذا علي جميع وسيزيد دخل المواطن المصري بالتأكيد ولا نملك سوي الدعاء لله ان ينجينا من مستقبل مظلم ينتظرنا إذا لم نتوقف الآن وان يحفظ الوطن من شرورنا فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين.
وأخيرا:
كنت اخشي ان يختار الجزارون مناسبة عيد الاضحي لاعلان اعتصامهم واضرابهم عن الذبح باعتبارهم ضمن فئات قليلة جدا لم تعتصم حتي الآن وهو الأمل الذي كان يداعب “الخرفان”.

اقرأ ايضاً صفحات رأي متعلقة على جريدة احداث اليوم:

اضيف بتاريخ: Friday, November 11th, 2011 في 00:49

كلمات جريدة احداث: ,

اترك تعليقاًً على هذا الرأي