صفوت عمران

انتخابات الرئاسة

عسكر وإخوانجية

يتبقي من عمر الثورة المصرية التي أبهرت العالم في يناير 2011 نحو شهرين تقريبا وإما أن نطلق عليها ثورة غيرت وجه التاريخ وإعادة لمصر كرامتها وعزتها وأطلقت شرارة نهضتها الحديثة أو نقرأ عليها الفاتحة ولن نجد من يتقبل فيها العزاء فوقتها سيكون مسجد عمر مكرم قد احتله الفلول وسيطر عليه أنصار مبارك وحملتا “أسفين يا ريس” و”الأغلبية الصامتة” وسيحكم التاريخ علي الجميع وفي مقدمتهم المجلس العسكري والإسلاميون والليبراليون واليساريون بأنهم أضاعوا علي مصر فرصة تاريخية في اقامة دولة حديثة يحكمها الدستور والقانون ويسودها العدل والمساواة وتفرغوا لصراع السلطة.
أما خريطة مرشحي الرئاسة بشكلها الأخير فتكشف الكثير وتخفي الأكثر لكنها تؤكد حقيقة واحدة وهي انتهاء عصر التفاهمات بين الإسلاميين بقيادة الإخوان والمجلس العسكري وبدأت المواجهة ومرحلة تكسير العظام واستخدام جميع قطع الشطرنج من أجل الفوز بتركة نظام مبارك والفائز من يستخدم ذكاءه ويوجه للطرف الآخر الضربة القاضية ويقول له “كش ملك” لأن الطرفين يلعبان بحرص شديد وكل منهما ينتظرأي هفوة للطرف الآخر لتوجيه الضربات له أصبحنا أمام لعبة سياسية عنوانها الرئيسي “عسكر وإخوانجية” بينما تبقي باقي القوي السياسية خاصة الليبرالية واليسارية خارج اللعبة ويستخدمها الطرفان كوقود لمعركتهما الثنائية منذ اندلاع ثورة يناير وحتي الآن.
الصراع بين الإسلاميين بقيادة الإخوان مع المجلس العسكري أصبح علي المكشوف فكل منهما يريد الفوز بنظام مبارك.. وكل منهما يستخدم جميع الكروت التي بيده من أجل توجيه الضربة القاضية لمنافسه وكان طرح المجلس العسكري لاسم الجنرال السابق اللواء عمر سليمان نائب مبارك كمرشح للرئاسة السبب في إشعال الخلاف بين الجانبين فالإخوان والإسلاميون عموماً لم يكن ليقبلوا إعادة انتاج نظام مبارك الذي عانوا منه الكثير من الإبعاد والسجن والاعتقالات. وهو سر حرب البيانات بين المجلس العسكوي والإخوان قبل أيام. وسر تراجع الإخوان عن عدم خوضهم لانتخابات الرئاسة وترشيح المهندس خيرت الشاطر نائب المرشد العام خاصة بعد ما شعر الإخوان بتلاعب العسكري بمرشحي الرئاسة خاصة الإسلاميين منهم وإبعادهم الواحد تلو الآخر لصالح سليمان الذي دخل السباق في اللحظات الأخيرة فأبو إسماعيل أمه أمريكية وأبو الفتوح قطري الجنسية والشاطر قد يدبر له ابعاد لأسباب قانونية فدفع الإخوان أيضا بالدكتور محمد مرسي رئيس حزب الحرية والعدالة كمرشح احتياطي للرئاسة في تكرار لأسلوب الإخوان القديم في انتخابات مجلس الشعب لمواجهة أمن الدولة والحزب الوطني تحسباً لاحتمال استبعاد الشاطر لأي سبب قانوني وهو ما يعني ان الإخوان جادون في خوضهم سباق الرئاسة إضافة إلي أن الأيام القادمة سوف تشهد توافقاً واتفاقاً بين مختلف القوي الإسلامية لخوض الانتخابات بمرشح واحد منعاً لتفتيت الأصوات ولمواجهة ما يُحاك ضد المشروع الإسلامي وبالفعل تجري اتصالات في هذا الشأن. خاصة ان التنازلات ستكون سمة الفترة القادمة لتبقي المواجهة بين مرشح إسلامي في الغالب سيكون الشاطر ومرشح عسكري سيكون سليمان.
وترشح سليمان لانتخابات الرئاسة يعكس عدة حقائق في مقدمتها ان المجلس العسكري نجح في اللعب بالجميع وتمزيق القوي الثورية وإدخالها في صراعات وتناحرات من أجل أن يجهز الملعب لمرشحه للرئاسة ولن نصدق انه يقف علي مسافة متساوية بين كل المرشحين وألا نريد أن نعرف الموكب الأمني والمدرعات وتواجد الشرطة العسكرية في انتظار سليمان وهو ما لم يحدث مع أي مرشح آخر إضافة إلي انه جاء بعد حملة منظمة لتشويه الإسلاميين خاصة الإخوان وتنظيم واضح لفلول الحزب الوطني الذين تسابقوا لعمل عشرات الآلاف من التوكيلات فور إعلان سليمان ذلك إضافة إلي بث الرعب في نفوس المسيحيين من وصول الإسلاميين للحكم من أجل دفعهم لتأييد سليمان لكن الأمر الكارثي ان أغلب القوي التقدمية التي شاركت في الثورة وتظاهرات رافضة حكم العسكر لو خيرت بين العسكر والإسلاميين سوف تختار مرشح العسكر وهو ما يعكس ان تلك الأحزاب مازالت تعقد الصفقات المشبوهة كما كانت تفعل في عهد مبارك وان الديمقراطية بالنسبة لهم لا تعني إلا المصلحة ولتذهب الحرية والمدنية والديمقراطية للجحيم المهم ألا ينتصر الإسلاميون والا يصلوا إلي الحكم وهذه نقطة ضعف يدركها الإخوان وقوة يدركها المجلس العسكري تماماً في صراعهما الثنائي علي حكم مصر.
الصراع وصل الآن إلي ذروته والجميع سوف يستخدمون مختلف الوسائل لتكسير العظام والفوز بحكم مصر لكن يبقي الجميع رابحين من ثورة يناير فالمجلس العسكري نجح في استغلال الثورة للتخلص من سيناريو التوريث الذي كان يرفضه قيادات الجيش. والإسلاميون في مقدمتهم الإخوان خرجوا من السجون وأصبحوا في قلب السلطة. والأحزاب الهلامية والكرتونية عاد إليها دور الكومبارس من جديد بعد أن حرمهم أحمد عز منه في انتخابات 2010 المزورة ليبقي الرهان علي ضعف ذاكرة الشعب المصري الذي قام بثورة يناير ضد حكم العسكر ورفض نقل سلطات مبارك لسليمان رهاناً فاشلاً وأبشركم بالثورة الثانية التي لن تبقي ولا تذر وأحذركم من موجة عنف ودماء قد تطال الجميع وتتطاير في كل اتجاه ويبقي الخاسر الوحيد الشعب المصري.

اقرأ ايضاً صفحات رأي متعلقة على جريدة احداث اليوم:

اضيف بتاريخ: Tuesday, April 10th, 2012 في 19:36

كلمات جريدة احداث: ,

ردود to “عسكر وإخوانجية”

  1. عزة
    11/04/2012 at 20:54

    الجيش والشعب يد واحدة رغم انف الحاقدين جيش مصر خير اجناد الارض

اترك تعليقاًً على هذا الرأي