انسان

احداث اليمن

انتظريني قليلاً …. يابلادي

لا تنظري إليَ هكذا فكما طالك طالني أنا أيضاً الأذى .. لا تخبريني ولا تستنهضيني .. أعلم أنَ الكل يصرخ بلادي .. بلادي .. يابلادي ، فداكِ دمائي ومالي وأولادي
آهٍ يابلادي لـو تعلمين كم أشعر بالخزي وبالبرد وبالعار ، تلفني وتشدني أكفانُ وأسوار ، تبنى أمامي جدرانُ تليها جدران .. سامحيني واعذريني ، فوالله قيدوني ، وألبسوني ثياب العجز ، وعلى خيانتك أجبروني .. وعندما أرى كل القلوب والأيادي تمتد لتسندك يابلادي في كل الوطن العربي الكبير ، بينما أنا في حضن العجز أتقلب من سنين من حادثٍ قديم ، أصرخ ، وأنادي ، فإنني أزداد حسرةً .. ومرةً تلو مرة تقتلني همومي ، لا أشفى فآتيك ، ولا أموت من سمومي ، وكم تمنيت أن أرحل عنك ، فلربما حطمت قيودي ، فأنزع أظافر العجز المغروسة فيَ ، فيتبدد ذاك الظلام الذي يتعقبني ، وتشفى جروحي ، وتنقشع غمائم الأحزان عني ، فيصحو قلبي وعقلي وينتهي شرودي ، وعندما أتعافى في بلدٍ بعيد ، فيحل الربيع ويذوب الجليد … حينها سأنمو وتتفتح ورودي ، وتشتد يديَ وقدميَ ، فآتيك ياوطني …محملةً بثماري ، وبقوةٍ عظيمة تكون شعاري ودثاري .. وأسير ثم أسير فيك أبحث عن أعداءٍ قدامى ..أسألهم ..لماذا ، لماذا ؟!! أسألهم بكل الغضب ، وبكل ما طوت الدنيا من العجب … عجب الزهور إذا قطفت بلا سبب ، عجب الطيور إذا قضت عمرها عقوبةً في قفصٍ من الذهب ، عجب المظلوم إذا ظل ينتهك ، فلا يموت ولا يمكنه الهرب …ذاك الضعيف الذي إذا غدا ذبيحةً لـهلل غبطةً وتوسل أعداءه ألا يهبوا له الحياة والسلامة … ثمَ إني سأسمل أعينهم مثلما سلبوا نور الحياة مني ، وسأكفنهم بكل همي بعدد سنين الظلام ، وبقدر ما سفكوا من كرامة … ثم سأحضنك طويلا إلى صدري ياوطني لا تفارقني ما طات الأيام ، وسأنزع بحريتي قيودك ، وبثماري سأرفع عنك فقرك الحزين ، وبصوتٍ أستجمعته بعد بكل السنين ، سأستنهض سدودك وجنودك … وحدودك
ذاك أني سأحلق إلى السماء لأصل إلى النجوم وبهمةٍ كبيرة سأجمع نوراً يعلوه نور، ثم سأحلق فوق تلك القصور التي نبتت بجهد البؤساء، فأقف على نوافذهم وهم يقهقهون ويحتسون الخمور ، فأدخل خلسةً وأسترد ما استطعت من أموال الفقراء ، وأمسح ماعليها من الدموع والدماء ، وأواصل المسير ، ثم سأقف على أبواب السعداء باباً باباً ، وأطرق تلك الأبواب…وبإمتعاضْ … وبغصةٍ تملؤني أمد يديَ ، وأرجوهم ملياً مليا بصوتٍ خفيض .. وأتوسل إليهم نجيَا أنْ تصدقوا على أهل الأحزان.. لا عليَ ببعضٍ من السرور ، فأجمعه وأطير، وأسابق الزمن إلى كل بيتٍ حزين أو فقير في اليمن ، وفي سوريا وفلسطين وما يسمى بإسرائيل …. وإلى الصومال فأنثر كل النور والسرور والآموال … وأسألك أيكفيك ياوطني ما قدمته معذرةً من أسـير تخلف يوماً عن ثورة الشعب العربي الغفير ، إذْ هبَ يمسح الظلم عن عينيك حتى سفكت دماه بين يديك .. بينما أنا أنظر فقط إليهم وإلــــيك..
أيا عيني وطني الحبيب ، لا تظننَ يوماً أنني خنتك ، إنما انتظر قليلاً …. أرجوك ، ولا تناديني كثيراً ، ولا تؤرقني بالحنين إلى الصمود ، أسمعك والله قبل كل الحشود ، وها أنا أحاول حتى أستطيع النهوض .. سأبتلع لأجلك آلامي ، وسأشد عظامي المتيبس الذائب بكرسي صب فيه العجز بالحديد ، فآتيك ياحبيبي بإذن الله ، وأجـــــــــــــيـب .

اقرأ ايضاً صفحات رأي متعلقة على جريدة احداث اليوم:

اضيف بتاريخ: Thursday, September 1st, 2011 في 04:19

كلمات جريدة احداث: , ,

اترك تعليقاًً على هذا الرأي