عادل عبدالحميد

احداث مصر

في مصر : أنا ومن بعدي الطوفان

عقدة “الأنا” تبعا للمثل القائل “أنا ومن بعدي الطوفان” هي السبب في معظم الأزمات التي تشهدها مصر خاصة بعد ثورة 25 يناير.
في الغرب يؤدي احساس المواطن بالانتماء لبلده إلي اعلاء قيمة مصلحة المجتمع علي المصالح الفردية الضيقة.. ومن هنا نجحت بلدانهم في تحقيق التقدم والنماء.
في أمريكا اعلن 150 ملياردير امريكي عزمهم التنازل عن جزء من ثرواتهم اسهاما في حل الأزمة المالية التي يعانيها الاقتصاد الأمريكي حاليا.
ووجه احدهم واسمه – واريل تافيت – نداء إلي السلطات لإصلاح النظام الضريبي حتي يدفع الأغنياء ضرائب أعلي من بقية شرائح المجتمع.. معلنا تنازله عن نصف ثروته لصالح الأعمال الخيرية بعد ان اكتشف انه يدفع ضرائب أقل من تلك التي تدفعها سكرتيرته!
وجري تضمين مبادرة المليارديرات الأمريكيين في اطار الميزانية الفيدرالية تحت اسم “ميدا بافيت” وتقضي بفرض ضريبة 30 بالمائة علي كل اسرة يتجاوز دخلها الشهري مليون دولار.
هكذا يفعل الأغنياء في أكبر دولة رأسمالية في العالم.. أما نظراؤهم لدينا فشعارهم نغتصب حقوق الفقراء بكل حيلة.. وإذا ضيقت السلطات علي انشطتنا فليس أمامنا سوي تهريب أموالنا خارج الحدود ثم اللحاق بها!!
ولم نر واحدا من مليارديرات العهد الفاسد يتبرع ولو بجنيهات قليلة لصالح غالبية ابناء شعبه من الفقراء.. رغم انهم جمعوا ثرواتهم الحرام من التجارة في أراضي الدولة التي اشتروها بأبخس الأثمان.. ومن الاعفاءات الضريبية التي تمتعوا بها تحت ادعاء تشجيع اصحاب رءوس الأموال علي الانتاج!
حتي هؤلاء المستشارين في اجهزة الدولة البالغ عددهم نحو 94 ألفا ويتقاضي كل منهم ما يزيد علي مليون جنيه مكافأة شهرية لم يتقدم أحدهم بطلب لتخفيض مخصصاته المالية التي تكلف في مجملها ميزانية الدولة مليارا و700 مليون جنيه شهريا باجمالي نحو 20 مليارا سنويا.
التزم هؤلاء الصمت رغم علمهم بأحوال العجز المزمن في ميزانية الدولة.. ورغم يقينهم ان تعيينهم في مناصبهم كمستشارين كانت ترضية لهم وليس بسبب تخصصاتهم النادرة كما هو الحال في البلدان المتقدمة.
كما التزمت وزارة د.كمال الجنزروي وقبلها وزارة د.عصام شرف الصمت تجاه هؤلاء خشية اغضاب ذوي النفوذ.. علما بأنه لو جري فصلهم من وظائفهم سيتم تشغيل مليون شاب “علي الأقل” بمرتب شهري 1200 جنيه دون تحميل ميزانية الدولة مليما واحدا اضافيا!
الاغرب من ذلك تلك الضجة المفتعلة التي اثارتها قيادات بنكية احتجاجا علي تطبيق الحد الأقصي للأجور عليهم حيث يتقاضي كل منهم مرتبا شهريا يتراوح بين 2 و3 ملايين جنيه وهو مبلغ في مجمله يساهم في تشغيل ملايين الخريجين الذين يعانون البطالة.
هذان نموذجان مما يحدث علي أرض مصر بسبب تغليب المصلحة الفردية الأنانية علي مصلحة المجتمع بأسره وهو ما يؤكد ان تحقيق هدف العدالة الاجتماعية بوصفه أحد مباديء الثورة مازال بعيد المنال.

اقرأ ايضاً صفحات رأي متعلقة على جريدة احداث اليوم:

اضيف بتاريخ: Tuesday, March 6th, 2012 في 01:14

كلمات جريدة احداث: ,

اترك تعليقاًً على هذا الرأي