د. صلاح هاشم

احداث مصر

متى يسقط النظام

تساؤلات كثيرة تطرحها العامة الواعية من شعب مصر كلها تدور حول معارك الميادين الطاحنة ومبرراتها ودوافع الدم الذي ينزف والمؤسسات التي تحترق. حالة من عدم الرضا العام التام يعيشها الشعب. كل فريق حسب توجهاته وخلفياته ففي حين يتهم البعض المجلس العسكري وحزب الأغلبية بالتآمر وخيانة الثورة يتهم فريق آخر الميادين بالبلطجة وبيع الوطن لدول غربية وفريق يتساءل عن مدي صحية هذا المشهد الخلافي المحتدم ودلالاته فيما يتعلق بمستقبل الثورة ومصيرها.. والإجابة عن كل هذه التساؤلات تتمحور في نقطة واحدة لا ينكرها عاقل وهي ان نظام مبارك لم يمت ولم يسقط وانما سجنت الرأس ومرضت وتحرر الذيل واستفحل. فربما أخرج الذيل لنفسه ألف رأس فهو نظام زاحف وليس بنظام ثدي.. وربما كان الذيل أقوي من الرأس.. فقد تحمل تحركات الرأس شيئا من التعقل والحكمة بيد ان حركة الذيول دائما لا عقل يحركها ولا شريعة توجهها. فالانفعال هو محركها الأساسي والمصلحة هي الغاية والهدف. ولكن هل يمكننا التخلص من كل ذيول النظام وحزبه المنحل.. والإجابة استحالة.. فقد تورطت كافة مؤسسات الدولة في تنفيذ سياساته وضلعت في استمراره لثلاثين عاما استقطعت من عمر الشعب وحريته. فالذي شارك في صنع النظام كالذي شارك في تنفيذ سياساته فالمسئولية تضامنية مشتركة.. فإسقاط النظام يختلف كثيرا عن القضاء أو التخلص منه وأعني بالإسقاط كسر شوكة النظام وتفريغه من سمومه السارية في جسم الثقافة المصرية المتمثلة في طبيعة علاقات السلطة بالشعب والرؤساء بالمرءوسين ومقدمي الخدمات الحكومية بمتلقيها وكذلك آلية صنع القرارات وآليات اتخاذها وأساليب تطبيقها. وعلي الشعب أن يتخلي عن كافة السلوكيات التي تأصلت فيه طيلة عهد مبارك والتي تقوم علي الفبركة والزوغان والاستهتار والتهرب والرشوة والمحسوبية والاستغلال والاحتكار وغيرها ويضع لنفسه بدائل أخلاقية في أعماله وتعاملاته اليومية بدائل أساسها مصلحة الوطن ومستقبله وليس خدمة نظام بعينه ولا مصلحة بذاتها.
وإذا كانت هذه هي دلالات ومؤشرات سقوط النظام والتي يلعب فيها الشعب الدور الأكبر فدور المجلس العسكري والبرلمان في هذه الفترة لا يقل أهمية وعليهم أن يتحلوا بالشفافية والصدق في الإدارة والابتعاد عن عرض الحقائق غير الكاملة والتي ربما تضر أكثر مما تنفع والعمل علي الشراكة لا المشاركة في صنع القرار بين الحكومة والشعب وأن يتخلصوا من كافة المتورطين في نظام مبارك تشريعا وقضاء وتنفيذا.. وأقصد بهم من تقلدوا مناصب قيادية وتنفيذية وبرلمانية في عهد مبارك وعلي أية حال فإن نظام مبارك لن يسقط إلا اذا اتخذ المجلس العسكري خطوات فعلية في حل أو هيكلة هيئة الرقابة الإدارية تلك الهيئة التي شكلها مبارك فور توليه الحكم عام 1982م بعدما أوقفها السادات عام 1981م وشكلها مبارك لتكون ذراعا واقية حامية لنظامه محافظة علي بقائه وديمومته وعينا راصدة وراعية لمصالحه وجعل أعضاءها من رجال الجيش والشرطة لضمان ولائهم العسكري وبهذا فقد حررها من وظيفتها الأساسية وهي حماية المال العام ومحاربة الفساد إلي وظيفة أمنية بحتة طالها الفساد الذي انشئت من أجل محاربته بل عملت علي رعايته وبشكل منظم واقتصرت وظيفتها في تقديم كبوش فداء من المعارضين للنظام ومكافأة أقطابه وأنصاره فقد ساعدت هذه الهيئة بشكل أساسي في سرقة المال العام ونهب أموال الدولة وسرقة أراضيها لصالح شخوص بعينهم وبيع شركات القطاع العام بأسعار تقل بكثير عن أثمانها الفعلية. فضلا عن دورهم في ترقي وتعيين أشخاص في مناصب قيادية لا تتناسب مع قدراتهم وإقصاء الأكفاء والمخلصين عنها.

اقرأ ايضاً صفحات رأي متعلقة على جريدة احداث اليوم:

اضيف بتاريخ: Monday, February 13th, 2012 في 15:32

كلمات جريدة احداث: ,

اترك تعليقاًً على هذا الرأي