صالح إبراهيم

احداث مصر

الطابور الخامس وإسقاط الشباب

هذا الزخم المستمر من أحداث العنف.. والضحايا التي تسفر عنها المواجهات المتصاعدة بعد ذكري العام الأول للثورة.. وخفوت صيحة الحق “سلمية سلمية” أمام الخرطوش وزخات الرصاص الحي.. وزجاجات المولوتوف.. أمر محزن للغاية.. وكارثة علي مستقبل الوطن بكل المقاييس.. لأنها تستهدف شباباً نقياً طاهراً.. تخرج الروح منه إلي بارئها.. وهو ما زال حلما وأملاً لأسرته ووطنه وتزايد أعداد الشهداء حتي لو اختلفنا علي ما قاموا به.. مضاف إليهم الآلاف الذين يصابون وتنقلهم الاسعاف للمستشفيات ومراكز العلاج.. بعضهم قد يعالج ويشفي.. والرقم الأكبر ينضم إلي عداد المصابين.. مكسور القدم.. فاقد العينين.. وآلة القتل فاغرة الفم.. تتلذذ بالضحايا الأبرار.. انها لا تشبع ولا ترتوي.. دوائر الأحزان تتسع مساحتها.. لينضم إليها من يظن انه قادر علي الثأر.. ولكن هذه القدرة.. كما لاحظنا.. وبعيدا ما أمكن عن عناصر التحريض والتهييج التي تحاول اقناعنا بطرف ثالث.. مجهول ومسئول.. عن التمويل والتخطيط.. يستخدم سلاح المال الذي كدسه في خزائنه بعرق الغلابة.. وسرقة موارد مصر وأرضها.. هو اليوم بعد أن تأكد من نجاح الثورة واتجاهها إلي طريق تحقيق أهدافها وعدم التفريط فيها.. قد أيقن ليس فقط بالخطوات التي تحققت وسحابة الظلم السوداء التي رفعت.. ولكن اجزم بالنسبة لهذا الطرف الثالث.. الذي أطلق البعض عليه اللهو الخفي.. والبعض الآخر الثورة المضادة.. اجزم بأن معظم هؤلاء العابثين من فلول الوطني المنحل والنظام السابق الذي سقط وانفرط عقده دون سابق انذار.. هؤلاء هم الذي يستهدفون شباب مصر.. سواء بتدبير الخطط لقتلهم جماعيا “مثل مذبحة الأربعاء في استاد بورسعيد” أو يشرفون علي قطاع الطرق المنتشرين الآن في معظم أنحاء البلاد.. يخطفون الرجال والأطفال ويسرقون السيارات.. ويروعون الآمنين ويطلبون منهم الفدية دون ابلاغ الشرطة.. وهم للأسف الذين يحركون بأصابعهم ميليشيات اقتحام الأقسام والسجون.. والهدف هنا ليس اسقاط الشرطة بعد أن بدأت في النهوض والتواجد بشكل ملموس.. ولكن لتأمين حملاتهم والبلطجية وأرباب السوابق العاملين معهم.. في انهم لن يباتوا ولو ليلة واحدة في الحجز لأن مسرحيهم سيطلون بالقوة والتهديد “وهنا جملة اعتراضية رب ضارة نافعة”.. وسبحان الله لقد تسبب هذا العنف الحقير في تدخل الأهالي الشرفاء والمساهمة في حماية الأقسام.. الأمر الذي أدي إلي فشل معظم محاولات الاقتحام.. وأنبت زهرة لوتس جديدة.. في حقل الثورة الخضراء ينبغي أن نبني عليها جسر الثقة بين المواطن والشرطة وألا يصيبنا اليأس.. من هذه الفرقعات المتزايدة عالية الصوت.. ويكمل ذلك ويقويه لغة خطاب مستنيرة من نواب الشعب كالتي لمسناها في تعاملهم مع ملف مذبحة الأربعاء.. أو ببيان حقيقة القصف بالخرطوش والرصاص الحي في محيط وزارة الداخلية.. وما حولها من شوارع منصور ونوبار وأحيانا باب اللوق..
** الآن وجبت المحاكمات العاجلة للمحرضين علي الجرائم الأخيرة وأن تمتد مخالب القط التي استخدموها سواء الذين استأجروهم من أهالي أو أطفال الشوارع الذي أكد شهود عيان بأنهم الأساس وراء فشل مبادرات تبادل الضرب بين الشرطة والمتظاهرين.. لأن هؤلاء الذين جمعوا من تحت الكباري نظير مبلغ من المال عاشوا مهمشين.. لا علاقة لهم بالمجتمع.. انقطعت صلاتهم بأسرهم.. كونوا مجتمعا عصابيا خاصا.. أفرز الثوريين وأمثاله.. انهم يعتبرون الأمر سبوبة.. ولا يعنيهم إلا أن يعودوا للنوم والتسامر في كهوف إقامتهم.. ومتأكدون من إطلاق سراحهم لشيوع الجريمة وضعف الأدلة.. كما حدث من قبل.. وطالما ظل المسئولون في الشئون الاجتماعية يتحدثون عن جمع هؤلاء الأطفال في ملاذ أمنهم وتوعيتهم.. وهم أول من يعلم بدور مؤسسات الرعاية الاجتماعية في تفريخ المجرمين.. والتدريب علي العدوان تجاه المجتمع.

استهداف الشرطة مع ذكري تنحي المخلوع.. وبعد الخطوات الجديدة التي أكدها المجلس الأعلي للقوات المسلحة في الاتجاه لنقل السلطة إلي رئيس منتخب.. وبعد تحديد ميعاد لانتخاب الرئيس.. يتعلق بجزء منه.. برغبة القوي المضادة وعزمها علي تكسير عظام شباب مصر.. سواء الذين قاموا بالثورة.. أو أيدوها وعلينا الاعتراف بأن ضبط النفس عامل مهم في ميادين المظاهرات.. اعترف به المتظاهرون وأصحاب المبادرات.. عندما طالب مجلس الشعب المتواجدين بمحمد محمود بالانصراف إلي التحرير.. يمكن كشف الدخلاء الحريصين عل اشعال المواجهات.. وعلي الأخص باستخدام الصغار “معظمهم من أطفال الشوارع وربما معهم تلاميذ يتفرجون علي ما يحدث خلال اجازة نصف العام”..
**وكذلك فإن القضاء علي فاعليات الشرطة وقوتها وأسباب نهوضها.. انه حدث سيكون هدية مهمة للسادة الكبار “في سجن طرة غالبا” والذين يرصدون تحركات طابور الفلول الخامس.. بعد أن أسقطهم الشعب في انتخابات البرلمان.. ليزدادوا حقدا وتآمرا يستهدف الشباب قلب الوطن النابض.. وصاحب ثورته الخالدة.. وكما نعلم فإن قطرة الماء قد تكسر الحجر الصلد.. وهذه خطتهم.. انهم لا يعبأون بانتاج ضحايا وشهداء ومصابين كل يوم.. لأنهم بذلك يحققون هدفا خبيثا آخر.. نعني به اسقاط الشباب كقوة دافعة للمجتمع.. وهمزة وصل بين الجيل الحالي والأجيال القادمة.. وهذا هو الخطأ والخطر الديموجرافي والسكاني.. لأنه لا يصلح مجتمع بدون تواصل فئاته المتدرجة من الأطفال وحتي الشيوخ.. والشباب هم قوة العمل والاستثمار الأكبر الذي تخصص له الدولة المليارات.. وسقوطهم من السلم المجتمعي كارثة.. أما اسقاطهم فهي مؤامرة.. يدبرها الفلول من طابور خامس وثورة مضادة.. بل وتستطيع القول بأن ما يقومون به الآن.. سحب دخانية سوداء تغطي علي هدفهم الأول والأكبر.. الانتقام والقفز إلي دائرة الضوء بإسقاط الشباب.

اقرأ ايضاً صفحات رأي متعلقة على جريدة احداث اليوم:

اضيف بتاريخ: Monday, February 13th, 2012 في 15:27

كلمات جريدة احداث: ,

اترك تعليقاًً على هذا الرأي