أيمن نصر الله

احداث مصر

الغلطة بثورة

ما حدث كان سيحدث وكان من الضروري أن يحدث فالنار تحت الرماد والبلاد كما كانت وكما عهدناها دائما.. لا شيء تغير سوي الانفلات الأمني وغياب الداخلية المتعمد وتعطل الإنتاج بمظاهرات واعتصامات فئوية تبحث عن مصالح شخصية ورخيصة ويضيع بسببها وطن غال.. وليس من أجل هذا قامت الثورة.. فبعدما يقرب من عام علي قيامها ماذا تحقق علي أرض الواقع؟ الإجابة بالطبع ستكون لا شيء فالشهداء لم تبرد دماوهم والمحاكمات ستطول والحكومة أضعف من أن تحمي هيبة الدولة.
ما حدث ويحدث في ميدان التحرير هو صورة طبق الأصل مما حدث في 25 يناير واشتعلت الأحداث وتصاعدت بعد أن كررت الحكومة نفس الخطأ ولجأت للعنف غير المبرر فأصبحت كالدبة التي قتلت صاحبها فلكل داء دواء يستطاب به إلا الحماقة أعيت من يداويها فالثورة انطلقت شرارتها حين قرر النظام السابق أن يفض اعتصام المتظاهرين بالعنف بعد منتصف الليل.. والثورة الثانية اشتعلت حينما قرر النظام الحالي أن يفض اعتصام مئات قليلة بالقوة فامتلأ الميدان عن آخره وسقط المصابون والقتلي وعاد الاعتداء علي وزارة الداخلية ومديريات الأمن وأقسام الشرطة.. ولا أعرف كيف لوزارة الداخلية أن تقع في نفس الفخ مرتين.. وكيف تكرر أخطاءها بهذه السهولة وتقبل أن تدخل مصادمات واشتباكات مع مواطنين ستكون نتيجتها دائما هي الخسارة للجميع.
الداخلية التي تركت شوارعنا للبلطجية يعيثون في الأرض فساداً وأصبحت السرقة بالإكراه وفي وضح النهار شيئاً طبيعيا من مفردات حياتنا اليومية وأصبحنا لا نأمن علي أرواحنا ولا أولادنا ولا أموالنا ولا حتي سياراتنا.. وزارة الداخلية التي فشلت في حمايتنا وهو واجبها الأول والمقدس وتتحجج وتتلكأ نراها تستأسد علي متظاهري التحرير.. وتحقق بطولاتها أمام شباب ورجال ونساء اجتمعوا لهدف واحد وهو محاولة اكمال ما بدأوه ورغم أنني من أشد المتشائمين والباحثين عن حلم الاستقرار وعودة الأمان إلا أنني لا استطيع أن ألوم المتظاهرين الذين يشعرون بخيبة أمل وهم يجدون ثورتهم تم السيطرة عليها وأحلامهم تم تأجيلها ومشاعرهم تم تخديرها والثورة المضادة أعلنت انتصارها وأكاد أري جمال مبارك ورجاله وهم يضحكون ويخرجون ألسنتهم لأهالي الشهداء.
حاولت جاهدا أن أبحث عن انجاز واحد حققته الحكومة ليطمئن قلبي وأشعر أننا نسير علي الطريق الصحيحف أعياني البحث ولم أجدف الوضع يزداد سوءاً والبلاد تسير بقوة في طريق مخدر والنجوم الساطعة في شمس مبارك مازالت ساطعة وتزداد بريقا ولا شيء تغير سوي دماء الشهداء التي روت شوارعنا.. ففي دائرتي الانتخابية رأيت مرشحا لمجلس الشعب القادم ظل أكثر من عشرين عاماً علي قوائم الحزب الوطني ونائباً عنه في البرلمان وبعد الثورة أصبح المرشح رقم “1” في قائمة حزب الوفد وبدلاً من رمزه القديم “الجمل” أصبح الآن “النخلة”.
رغم الأحداث المؤسفة التي نعيشها إلا أنني أصبحت الآن أكثر تفاؤلاً وأملاً في مستقبل أفضل لوطن يتم وضع حجر الأساس له في ميدان التحرير وسيتم البناء ويكتمل رغما عن الجميع فلا أحد يتحدي إرادة الشعوب والأيام تؤكد لنا هذه الحقيقة ورأينا بأعيننا كيف كانت نهاية الطغاة.
والآن أتمني ألا تكرر الحكومة بقية الأخطاء ولا تلجأ إلي العناد ولا نراها بطيئة في اتخاذ الإجراءات الصحيحة التي تعيد الأمل في قلوب ملأها اليأس.. لامناص من الاستجابة إلي صوت العقل وتغليب المصلحة العليا للوطن ولا أعرف ما الذي يمنع تشكيل حكومة إنقاذ وطني ووضع خريطة طريق واضحة للمستقبل وتحديد موعد الانتخابات الرئاسية لتعود مصر دولة كاملة المؤسسات حتي نعالج الخطأ الكبير الذي وقعنا فيه بعدم وضع دستورجديد بعد نجاح الثورة مباشرة وقبل أن ينقسم الشعب إلي شعوب وتتنوع المصالح وتزداد الفجوة بين التيارات السياسية والدينية المختلفة وينشغل كل فصيل بالبحث عن مصالحه فأصبح من الصعب أن ترضي الجميع.
ما يحدث هو آلام المخاض التي تصاحب دائما عملية الولادة فيتبعها ابتسامة عريضة علي وجه الوطن.. فلا تخافوا “وقل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا”.
وأخيرا..
انتظر العقوبات التي سيفرضها اتحاد الكرة علي النادي الأهلي بعد أن استخدمت جماهير”الالتراس” للشماريخ أثناء مشاركتهم في مظاهرات التحرير.

اقرأ ايضاً صفحات رأي متعلقة على جريدة احداث اليوم:

اضيف بتاريخ: Thursday, November 24th, 2011 في 23:25

كلمات جريدة احداث: , ,

اترك تعليقاًً على هذا الرأي