د. مجدي بدران

احداث مصر

ظاهرة الاحزاب الدينية

الحزب في اللغة جماعة من الناس تجتمع علي رأي واحد. أما في السياسة فهو تجمع المواطنين حول أفكار برنامج سياسي يعتبر خطة لادارة شئون الدولة في حال الوصول إلي الحكم عن طريق انتخابات عامة. كان التفكير في إنشاء حزب ديني قبل ثورة 25يناير ضرباً من الخيال ولكن اليوم لدينا أحزاب تمثل الاخوان. والتيارات السلفية والتيارات الجهادية ممثلة في الجماعة الإسلامية وجماعة الجهاد وغيرهما. المفترض في الأحزاب الديمقراطية أن تكون متاحة لكل المواطنين لكن الاحزاب الدينية تطعن بالمبدأ الأساسي للديمقراطية وهو المساواة في المواطنة للجميع دون أي تمييز! وتفتح الباب أمام نشأة أحزاب شيعية ومطالبة الطوائف المسيحية بتكوين ثلاثة أحزاب علي الأقل تمثل الأورثوذوكس والكاثوليك والبروتستانت. الناس حياري من تعدد الأحزاب الجديدة التي يدعي كل منها أنه ذو مرجعية إسلامية. وطبقاً للتنافس السياسي علي أصوات الناخبين وتعصب المؤيدين وتضارب المصالح فمن المتوقع أن تتشتت أصوات الناخبين ويصابون بالبلبلة. ويتشككون في نوايا رجال الدين المتنافسين علي مفاتن دنيا السياسة. البعض يري أن الإسلام هو الحل. والبعض يري أن هناك فرقاً بل فروق بين شعار الإسلام هو الحل وبين الإسلام كدين يفترض أن يوحد الناس علي حب الله والوطن والخير وحب الآخرين من منطلق حب لأخيك ما تحب لنفسك. والبعض يردد نعم الإسلام هو الحل. ولكنه يؤكد أن الأحزاب الإسلامية ليست هي الحل. والبعض يري أن الحل أن يكون الدين لله والوطن للجميع. لم يوكل الله حزباً للتحدث باسمه سواء كان حزب الله أو أي حزب أخر. ومن الطرائف أن البعض أصبح يحاول حصد أصوات الناخبين بترديد أن جماعته هي صوت الإسلام الوحيد وأن التصويت لها دون غيرها يعتبر صدقة جارية! ورأينا دعايات انتخابية في صورة خراف تم السحب عليها في عيد الأضحي في أغلب أحياء مصر. مما يعني رصد ملايين الجنيهات للاستفادة السياسية من الحشود الجماهيرية في المناسبات الدينية. بالرغم من تحذير اللجنة العليا للانتخابات إلي عدم استخدام شعارات أو رموز دينية أو القيام بأنشطة دعائية ذات مرجعة دينية. حتي أمريكا المتمرسة في الانتهازية السياسية والراكبة مؤخراً للموجات الثورية. راحت تغازل التيارات الإسلامية الجديدة بعد أن كانت تتهمها بالارهاب. وبدأت تعلن عن مفاوضات تلو المفاوضات سرية وعلنية. وتأكيدات احترازية بالترحيب بالتعاون مع الإسلاميين عند وصولهم للحكم. ربما يفتح تمويل الأحزاب الدينية الأبواب لفرض تيارات سياسية معينة. ولربما تتعمد بعض الدوائر الغربية تصعيد تيارات ما بغية حرق أوراقها مما يمهد الطريق لاخلاء الساحة لتيارات اخري يجري الاعداد لتصعيدها مرحلياً! في العراق تعاون الامريكان مع صدام السني في حربة ضد إبران .. الشيعية. وبعد انتهاء حرب العراق وإيران سنة 1988. بدأت أمريكا في تشجيع الشيعة علي صدام وبعد احتلال أمريكا للعراق سنة 2003 ذاق سنة العراق الويلات من مذابح الشيعة وفجرت واستباحت الكثير من مساجد السنة وحتي كنائس الكاثوليك. تعتبر إسرائيل دولة دينية يهودية تمارس الاضطهاد الديني ضد أصحاب الأرض من مسلمين أو مسيحيين. وتفضل أي يهودي في العالم عليهم تحلل له أراضيهم وممتلكاتهم بل حتي زهق أرواحهم وتكسير عظامهم. الغريب أن الثلاث ديانات اليهودية والمسيحية والإسلام إلههم هو الله الواحد الأحد. الحكم التيوقراطي هو الحكم الديني يستند علي نصوص دينية مقدسة حصيلة اندماج الدين بالسياسة كانت صكوك الغفران التي كانت تباع للناس لدخول الجنة ومحاكم التفتيش التي انتشرت في العصور الوسطي في أوروبا وقتلت عشرات الألوف من الأوروبيين والبروتستانت. من عيوب الدولة الدينية أن يتطوع الأوصياء الذين بالطبع سوف يستفيدون من الوصول للحكم باسم الدين لقيادة الجماهير في الصلاة. ثم بإلقاء العظات بعد الصلاة. وبعدها يعتبرون أن ما دام الناس قد ارتضوا الصلاة وراءهم فإن يعارضوهم لو قادوهم ليلاً ونهاراً أيضاً. والملاحظ أن أغلب دعاة الفضائيات والمنصات الذين ظهروا بعد ثورة يناير غير متخصصين بالمرة وغير أزهريين. أو لم يكونوا أصلا رجال دين! الاخطار هنا أنهم يفسرون للناس فهمهم هم وحدهم للدين والعاقبة للمعارضين ويستميتون للوصول للحكم بصورة غريبة لم نألفها من قبل في رجال الدين. ويحلمون بعودة الخلافة ولو عثمانية. والجهاد وهم يركبون الخيال. لا ننسي ماذا فعلت حركة حماس لفرض رؤيتها علي أهل غزة بعد وصولها للحكم عن طريق الانتخابات. فشلت الدولة الدينية في الصومال وأفغانستان وإيران والسودان التي انقسمت سودانيين. وفشلت من قبل في العصور الوسطي في الغرب. الديمقراطية تحتاج المزيد من محو أمية المواطنين السياسية وتبصيرهم بما يحاك ضدهم خاصة من أعداء الوطن وما أكثرهم ونشر ثقافة قبول التعايش مع الآخر. واحترام الجميع من مختلفي الديانات والتوجهات والعرقيات.

اقرأ ايضاً صفحات رأي متعلقة على جريدة احداث اليوم:

اضيف بتاريخ: Friday, November 11th, 2011 في 01:00

كلمات جريدة احداث: ,

4 رد to “ظاهرة الاحزاب الدينية”

  1. elgendy
    15/11/2011 at 23:53

    ظاهرة الاحزاب الدينية خطأ قاتل ..ولا ادرى كيف تم الترخيص لهم اليس هذا ضد قانون انشاء الاحزاب؟ لعب السادات بالنار واطلق يد الاسلاميين -عمليا وليس رسميا -وكان هو نفسه من أوائل ضحاياهم؟ اذا كان هناك قانون يحرم ويجرم انشاء احزاب دينية فيجب تطبيقه وعدم التساهل لان النار ستحرق الجميع ..نعم الجميع..

  2. elgendy
    15/11/2011 at 23:41

    الى تعليق المسلم :”ان الذين امنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الاخر وعمل صالحا فلهم اجرهم عند ربهم ولا خوف علبهم ولا هم يحزنون”البقرة 62 والمائدة 69
    عزيزى يجب ان تدرك ان الدولة الدينية دولة عنصرية بامتياز ..راجع نفسك..وشغل مخك

  3. رجب
    11/11/2011 at 23:03

    اخي الكاتب بما انك مثقف ومطلع والحمد لله الغرب جرب كام طريقه من راسماليه الي شيوعيه الي…. ونحن جربنا فلما لانجرب الاسلام وبدلا من ان تساعد في التقدم واقتراح الافكار والخطط والتوظيف لكي لانقع فيما وقع فيه السودان وافغانستان اطلب من سيادتكم الدعم المعنوي اي لاتذكر الفشل ومش هينفع والكلام اللي يهبط ويقلق الناس اللي علاقتها بالاسلام البطاقة وممكن صلاة الجمعة ويسلام لوالانسان ده مش ملوس بفكر اخر هتلاقيه بالفطرة بيقول في تطبيق الشريعه النجاه اطلب من سيادتكم ان تكون ايجابي . لو احنا خيفين من الفشل من باب اولا يبقي الثوره ما لها فيده وشكرا

  4. المسلم
    11/11/2011 at 04:44

    الاخ الكاتب ليست كل الاديان متساوية فالله سبحانه و تعالى يقول ” و من يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه و هو فى الآخرة من الخاسرين ” هذا كلام الله الذى لا شك و لا طعن فيه فلا تساوى ما فضله الله بما ذمه الله.

اترك تعليقاًً على هذا الرأي