انسان

احداث مصر

كنا نخاف عليك … واليوم نشتاق إليك

بعد أن اندفع الشعب المصري ينادي بالعدالة والكرامة والحرية كان ثمة رجلٍ نبيل يطل علينا من الشاشات في المنازل والميادين من قناة الجزيرة يدعو الشباب أن يوحدوا كلمتهم ويحددوا أهدافهم ويختاروا من يمثلهم .. ويقصد بذلك قائداً منهم يقتنع به الجميع ويمكن أن تلتف حوله فئات الشباب كي لا يحدث في مصر ما نراه اليوم ، وعندما كان يلمح المعارضة وهي تتلاعب لترتمي في أحضان النظام يظل يحذرهم كي يعودوا إلى صفوف الشعب ويقفوا بجانبه وما فتئ يردد للمعارضة أن مصلحتكم ليست مع النظام بل مع أهداف الشعب والأمة ، وحتى الجيش … كان عزمي بشارة يلمَح ويشير بجملٍ لو استعدموها ستجدونها إيحاءات وتوجيه للجيش المصري كي لا ينزلق مع النظام تحت أي مسميات وطنية زائفة ..جربوا واسترجعوا المواقف والكلمات ستذهلون وأنتم تشاهدون هذا العربي جميل القلب والطلة وهو يحثَ الجيش ويشجعه بكلماتٍ مثل : سيقف في النهاية الجيش المصري مع الشعب .. لن يقتل المدنيين …هذه خطوة جيدة تعني أن الجيش قد بدأ يشارك في القرار السياسي .. وهكذا حتى أننا كنا نرى بعدها مباشرةً مواقفاً للجيش المصري البطل تتوافق مع تلميحات بشارة .. ولو أن ثمة إنصافٍ في هذا العالم لاعترفنا بأن عزمي بشارة قد شارك بعد اندلاع الثورة في قيادتها إلى النصر وتجنيبها الحيل والانشقاقات والفتن ولحيينا هذا الرجل تحية الفارس الشريف لكننا لم ولن نفعل .. أعرفكم ياقومي .. وما يجلي الهم أن عزمي بشارة لا يهتم لهكذا أمر ، بل هو دائماً حاضر ولو لم نعد نراه ،فهو بالتأكيد في مكانٍ ما يمدَ يداه ليساند كل من ينادي أريد حقى وكرامتي وحريتي في بلادي ..كم أحسد أهله وأصدقاءه وأتمنى يوماً أن ألقاه …..
ومن كان أول من حث الجامعة العربية واستمر في إحراجها لتقف بجانب الشعب الليبي ضد ذلك الدجال ، ومن أول من نصح الليبيين على إنشاء مجلس يدير شؤون البلاد ، ومن حذر وحذر العرب من تدخل حلف النيتو الذي يتلاعب الآن في ليبيا ..ألم يكن عزمي بشارة …أم أنكم قد نسيتم ، فسريعاً ما تنسون ياعرب
لم تكن الشعوب العربية بحاجة لمن يدفعها إلى الانتفاض في كل تلك البلدان غير الظلم والجبروت وأولئك الحكام ، وإذا انتفضت الشعوب فإنها لن تهدأ إنما السؤال هو ما أقصر طريق إلى النصر وتجنب الفتن ؟ أي ما الذي تحتاجه تلك الأمم لتلحق الهزيمة بأنظمة متعفنة بالفساد ، بمعنى أدق أين تكمن أسباب قوتها ؟..إنه القائد الذي تثق به لنقل من ينظم ويرشد وينير لها الطريق، ومن ثمً توحيد الصفوف وتنظيم خطواتها ..إنه بالضبط ما كان يفعله عزمي بشارة بكل تواضع مع الثوار المصريين.. لذا ولأن الأنظمة تعلم أنكم شعوب بسيطة سهلة التصديق يمكن التلاعب بها بسهولة، فقد التفتوا بأعناقهم المخيفة والغليظة ، كثيرة العروق حيث تتدفق فيها أموالنا وكرامتنا وما امتصوا من أحلامنا وشبابنا وقوتنا ..التفتوا إلى ما حدث في مصر وتونس وإلى أسباب قوة الشعوب وإلى مكامن ضعفها والذي يتفاقم في الدول الأخرى أكثر بكثير مما هو عليه في مصر وتونس ، فاقتضت خطتهم في شقها الأول القمع العسكري مهما كان نوع الخراب الذي سيجره على تلك البلدان ..
والشق الثاني من الخطة كان إعلامياً يستلزم العبث في عقول الناس أولاً لسلبهم رجلاً نبيلاً يمكن أن تلتف حول إرشاداته وتوجيهاته الشعوب وكان هذا أمراً خطيراً على الأنظمة ، فهي تخشى فكرة الرجل الواحد الذي اكتسب ثقة الشارع العربي بتوجيهه الملايين في مصر، وربما لم يعلم الشارع العربي ما الذي كان يفعله بشارة بتوجيهاته وإيحاءاته هنا وهناك ، وكم كان أستاذا فيها وكم استمتع كل من علم بذلك مع بشارة وهو يتحدث ،وكم أحببناه كثيراً .. إلا أن الشعوب قد شعرت بشيء رائع يجذبها نحوه ،فأحياناً لا نعي بعقولنا بل بالقلوب …. إذن ..وأولاً فقد كان لابد من تشويه هذا الرجل ، وهذه لعبة تجيدها الأنظمة العربية القذرة ولم يكن لبشارة أن يكن أستاذا فيها…… وعندما يخرج ألف شخص ليتحدث وهذا يقول كذا والآخر يقول لكن الأفضل والثالث يعارض و….. فهذا الأمر ( الفوضى ) هو المطلوب عند حكامنا الخونة ، وهو البديل الوحيد عند الغرب واليهود عن حكامٍ كانوا لهم كالكلاب ، وهو الحل الوحيد المتبقي لتلك الأنظمة ، نعم …إنه الفوضى والفتن والخراب ثم يخبرون الناس : أرأيتم أيها الجرذان إنْ لم نحكمكم ماذا يحدث ، وماذا تفعلون، وكيف تفسدون حياتكم كالأطفال وثانياً الاستخدام الإعلامي لهذه النتائج التي خلقوها من الشق العسكري ومحاولة ضرب أو زعزعة فكرة الثقة بعزمي بشارة وقناة الجزيرة بتفعيل المواقع المسيئة أو بشريط تافه ، من سمعه حقاً لن يجد فيه ما يسيء، ولكنها بعض العقول العربية الضعيفة والتي تبدو كالذباب المتساقط في شباك العنكبوت…المهم في الأمر أن خطوتهم الإعلامية الثانية والمتزامنة مع الأولى لتفتيت عضد الشعب في الداخل وتشتيتهم وضرب ثقتهم ببعضهم كانت نشر وتوثيق شائعات المؤامرة بمعنى أن كل ما يحدث هو مؤامرة غربية وصهيونية في الوطن العربي، وكأن هذه الأنظمة لم تكن صمام أمن إسرائيل ، وكأن حكام العرب لم يكونوا أحذية الغرب والصهيونية ، ألم يدقوا جنوب لبنان بموافقة عربية وبينما دكت أفغانستان في شهر رمضان ألو يكن حكامنا العرب يهللون لذلك فرحاً ، والذي حدث في العراق …وفلسطين تلك التي ننساها دائماً ونذكرها في الأخير، ألم يفتأ حكامنا يذبحون فيها ذاك بصدقة، وذاك بكلمة ، وذاك بسكين…..ورسول الله ..رسول الله …حتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ( سامحنا يامحمد) فقد سبوه علناً،وساندوا بعضهم بعضاً في ذلك …ماذا فعل حكامنا ، تباً لهم لا غالٍ لهم ولا حبيب .. بل وماذا فعلنا نحن…
على هذه الحقبة المظلمة أن تزول ، وعلى هؤلاء الحكام أن ينتهوا وعلينا نحن أن ندفع الثمن ..ثمن السكوت…. وثمن الرضا بكل فسقٍ وظلمٍ قد مضى ، حيث كنا نردد ليلنا ونهارنا هو القدر و القضا ، والرضا به إنما هو عين الهدى ، ونعلم وتعلمون ما كان السكوت إلا أننا نخاف أن نموت… فيما مضى كان العلماء يقولون اصمتوا لأنها ستكون فتنة ، وما سبب الفتنة اليوم إلا هذا الصمت بالأمس .. فلم يمنع الاسلام الاحتجاج على الحاكم وتقويمه إذا اعوجَ ، لقد كانوا يسألون عمر من أين لك هذا الرداء إن كان جديداً ، بل ومنهم من تقول له اتقِ الله ياعمر فيبكي وهو لم يكن رئيساً على بلدٍ واحد إنما على كل بلاد المسلمين ..أيها العلماء كنتم تقولون لاتتحدثوا في الوقت الذي كان يجب أن نتحدث لنقوَم العوج فلا يزيد …ألا تظنون أن اليوم عليكم التكفير عما فات وأن توحدوا كلمة الأمة ألا ترون أن الشعوب التي خرجت في تلك البلدان لن تعود فقد أراد الله أمراً في هؤلاء الحكام وفينا ..في الظالمين والساكتين ، وستكون فتنة إذا استمرت الأنظمة وحدها في العبث…على العلماء الكبار الذين تثق بهم الشعوب في السعودية ومصر وسوريا وغيرها أن يوحدوا كلمتهم ويجمعوا الأمة ويشدوا الهمم ، عليهم أن يقولوا كلمة الحق ولو لمرة في حكام موالين للأعداء بل أتوا بهم وبأسلحتهم إلى الديار وأباحوا لهم دماء الأمة وأموالهم ومساجدهم ، تتحدثون عن الفتنة.. حسناً لقد خرجت شعوباً في عدة بلدان ، ويبدو أنها لن تتراجع وما أظن الذي أخرج شعوباً كهذه حريصةً على الحياة إلا الله لتتغير هذه الحقبة المهينة التي هزَ دعائمها في السماء عرض النبي وكل تلك الدماء وأصوات الأبرياء ربما لترتب الساحة لأمرٍ ما .. فهل ستتركون الحكام من جهة ، والصهاينة والغرب من جهة أخرى يعصفون بنا وأنتم تعلمون أنهم ليسوا ولاة أمرنا ..ماذا بكم ياورثة الأنبياء ، هل ابتليتم بنا أو أم ابتلينا بكم …………شكراً ياكل المخلصين ..شكراً جزيل ..شكراًجميلاً وجماً ياعزمي بشارة ياصديقي …..اليوم السلفيون والإسلاميون في مصر يتحدثون بكل حرية عن الدستور وعن الانتخابات لكن لماذا لم نرى في تلك الجموع المحتشدة إلا قلة كصفوت حجازي لماذا لم تجتمع أصوات الشيوخ الكبار على كلمة ؟! لماذا أصبحت الشعوب البسيطة تسبقكم أيها العلماء …..طبعاً الله أعلم ، لكنْ كم سيكون مؤلماً لو أن الله قد استخدم الشباب وترككم

اقرأ ايضاً صفحات رأي متعلقة على جريدة احداث اليوم:

اضيف بتاريخ: Wednesday, July 27th, 2011 في 19:41

كلمات جريدة احداث: , ,

اترك تعليقاًً على هذا الرأي