عدنان

احداث اليمن

آلثورات فقط لأجل الحرية والوطن؟ فليت ثمة ثورة تنشئ أسرة

إلى من يقوى على النظر مليا إلى وجوه وقلوب البائسين فيمتص منها الأحزان ثم يعكسها قصصا وكتاب ، فيصنع ذلك الانعكاس بصورة عجيبة تدهش حتى البائس المسحوق حين يقرأ شخصيته ويجدها تتجسد في كتاب .. إلى كائنُ من كان من الكتاب لقد انتهيت من قراءة قصة المتشرد الذي انتحر (كونوفالوف) لمكسيم جورجي ، وكم صعقت إذْ وجدت نفسي أتنفس بين الحروف في تلك الشخصية التي ظلت تهيم وهي تبحث عن شيء تغرس فيه أقدامها لتستمر في الحياة لكنها لم تجد وظلت تلهث خلف الحرية والطبيعة والبساطة ومع هذا لم تحظى بذلك الشيء ، وبقي يتساءل لماذا لا أستقر مثل بقية الناس ، ولماذا يظل هذا الجمود والملل والشعور بالعجز والفشل ينهش في روحي المستغيثة ولا ينتهي ولا يقل ، وإنني لأشبه كونوفالوف ومثلي في هذا العالم الثالث كثيرون تهيم أرواحنا بلا استقرار لا نجد أرضا نغرس فيها أقدامنا مع أن الفرص كثيرة ونظل نبحث ونعاني حتى نصبح كورقة ضعيفة في مهب الريح تتقادفنا الأحزان والظلمات حتى نعتاد عليها دون أن ندري ونخشى النور ونخشى السعادة التي نراها لابد أن تتفسخ يوما إلى شيء تعيس ، ونظن أن رقابنا لايسعها أي نير بينما نحن أنفسنا قيد عتيق يتوق في أعماقه إلى كل الحرية .. وحتى وإنْ تمتعنا بالحرية التي نعشقها فإننا لا نحصل على السعادة ونظل نبحث حتى ينتهي بنا الأمر إلى حب الموت على الحياة … مثل كونوفالوف هذا الرجل الذي شعرت كم كان نسخة مني .. وإن مثلنا كثير ، وإننا لبأمس الحاجة إلى المساعدة وإلى إعادة التأهيل ، فثمة شيء عظيم في أنفسنا مخيف وخاطئ …لكن عالمنا العربي بدوله وحكوماته وأسره وأفراده لا يهتم بالنفس وأغوارها ،،إن أسرنا ينذر فيها الوعي فكراً وعاطفة من حكمة وحب وحنان وضرورة التكاثف وكثرة الأحضان …بينما هما كالشمس والهواء للأطفال والأجيال العربية وهما رصيد يستنزفه الانسان فيما بعد لمواجهة الحياة واستقرار الرؤى ، تجعله أثقل وزنا فيطمئن إلى الارض ويستقر في مكان ما ، ولا يبقى مجرد بذرة تتقاذها الرياح والأحلام الكثيرة …أحلام متداخلة الألوان ، يحرص الواحد منا أن تكون بعيدة المدى لا يمكن أن تطالها يدا .. لنظل نهيم …… متعبين ومعذبين نتمنى زوال الحياة
لماذا لم تعد الكتب بين أيدي الناس تتزاحم كما تتزاحم البشر ، ولماذا لم يعد المؤلفون بتلك المكانة من قلوب الناس يحبون الناس بصنوفهم ويعطفون على أمثالنا فيصورون مآسينا بكل التفاصيل الصغيرة والتي لم نلحظها نحن أنفسنا ، ولماذا لم يعد الناس يحبونهم ويفضلونهم …
ولماذا لم يعد الاهتمام بالقصص وبالقلوب وبتفاصيلنا البسيطة والمؤثرة في حياتنا وفي نفوسنا مثلما كان في الزمان القديم ، لماذا عالمنا سريع الخطى لا ترى فيه الأشياء الصغيرة ، لماذا لا يلحظ الناس تلك الزهور الصغيرة على جوانب الطريق وهي تتفتح لتخبرهم بطريقة ما أنها هنا ، لكنهم يمضون في أحسن الأحوال ، وإلا في الغالب فإنهم يدسون عليها… لكن ثمة كتاب يلاحظون … وثمة أسر يحبون أزهارهم بوعي عجيب فيجاهدون فيمدونها بالسماد والغذاء ويدفئونها في قلوبهم فإذا هي أزهار وأشجار مثمرة .. إن كونوفالوف حظي بالحرية وحظي في فترة ما بمكسيم صديق.. يشعر ويقرأ كل تفصيلة فيه ويعطف عليه ، وحظي بجسد قوي ومع هذا انتهت به الحال إلى الانتحار … فهل كانت قلة الثقافة هي السبب إذْ كان لايستطيع القراءة مع أنه يفكر كثيرا ويحلل الأمور أم هو قلة المال والتشرد أم الأسرة أم قلة الحظ أم هي النفس الشقية التي يولد بها بعض الناس !!.. وإني لأظنها الأسرة فهي النصيب والاختيار الأول الذي يحظى به الانسان لتكتب السطور الأساسية في سعادته أو شقائه …. قليت ثمة ثورة أو شيء ما يثمر أسراً زاهية بالوعي والحكمة والمحبة والمسؤولية .. فالأسرة –و أقصد بهم أماً وأباً – هم أهم من الوراثة ومن الموهبة ومن المال ومن الوطن

اقرأ ايضاً صفحات رأي متعلقة على جريدة احداث اليوم:

اضيف بتاريخ: Thursday, February 2nd, 2012 في 22:30

كلمات جريدة احداث: , ,

اترك تعليقاًً على هذا الرأي