احداث العراق

احوال العراق بعد الانسحاب الامريكي

قضيت مؤخرا في العاصمة العراقية بغداد خمسة أيام بدعوة كريمة من مؤيد اللامي نقيب الصحفيين العراقيين لتغطية فعاليات مؤتمر الأمانة العامة والمكتب الدائم لاتحاد الصحفيين العرب الذي عقد هناك بعد قطيعة دامت أكثر من عشرين عاما عن حضور مؤتمرات ولقاءات الاتحاد.
تصادف أثناء وصولي إلي أرض المطار تسلم العراق قاعدة عسكرية كانت تستخدمها القوات الأمريكية خلال فترة الاحتلال التي دامت أكثر من ثماني سنوات وتم انزال العلم الأمريكي ورفع العلم العراقي بحضور ليون بانيتا وزير الدفاع الأمريكي.
وللحق أقول إن العراق قد أرهقته الحروب وأعمال العنف وعاني الأمرين وله تجربة مريرة وقاسية من الظلم والظلمات من حكم ديكتاتوري جائر وحروب اقليمية وأهلية وعقوبات واحتلال وسياسات قمعية علي مدي ثلاثين عاما حتي أنزوي عن محيطه الغربي والإقليمي والدولي بسبب جراحاته الداخلية التي عاشها من تدمير وطائفية وعمليات اغتيال واسعة وانفجارات تسببت في مصرع آلاف الأبرياء وتعطل أوجه الحياة.
لقد دمرت قوات الاحتلال الأمريكي بنيته التحتية التي شيدتها الاجيال وارتكبت مجازر وحشية بحق الشعب العراقي ودمرت حضارته وفرضت الوصاية علي أرضه. ولكنه صمد أمام الاهوال وتحدي الدمار وتجاوز المحن وكبد القوات الأمريكية خسائر في الأرواح بلغت أكثر من أربعة آلاف وخمسمائة من الجنود وإصابة ثلاثين ألفا.
والأمر المحزن أن العراق الذي يمتلك 40% من بترول العالم ويملك مخزونا ضخما من مصادر الطاقة أصبح أكثر من 30% من سكانه تحت خط الفقر ويعاني أبناؤه قلة فرص العمل. والآن خلت أرضه من جحافل المحتل الغاشم وبدأ ينفض عن نفسه غبار المحتل بكل الأمة وأوجاعه وتعود الابتسامة إلي وجوه أبنائه ويستعيد سيادته الكاملة وغير المنقوصة ويعيش مرحلة جديدة يسودها الأمن والاستقرار ويستعيد دوره العربي والإقليمي.
نطالب العراقيين بكل انتماءاتهم القبلية والعشائرية والطائفية والعرقية وكل الكتل السياسية بالتكاتف والتلاحم وأن يشمروا عن سواعدهم وينظموا صفوفهم ويضعوا خلافاتهم ونزاعاتهم جانبا ويهبوا هبة رجل واحد من أجل إعادة بناء ما خربه ودمره الاحتلال.
الشعب العراقي كله من سنة وشيعة وأكراد مطلوب منه اليوم أن ينبذ الطائفية وكل من ينادي بها ويستكمل مشروع المصالحة الوطنية ويرفض الفيدرالية والأقاليم وتغليب المصلحة الوطنية للبلاد علي المصالح الحزبية والفئوية والخاصة وايجاد حلول حقيقية للمشاكل التي خلفتها فترة الاحتلال وأن يكون يدا واحدة لإعادة بناء عراق جديد موحد قادر علي مواجهة الأزمات وتحديد مصيره بيده وحده.
ونود أن نؤكد أن التكاتف والوحدة هما الطريقان اللذان يقفان بوجه كل التحديات والقوي التي لا تريد للعراق المنعة والقوة.. اننا نأمل أن يعود العراق مرة أخري إلي عهده السابق في صناعة التاريخ والمجد والحضارة والحضور الايجابي والفعال في محيطه العربي والاقليمي والدولي.

اقرأ ايضاً صفحات رأي متعلقة على جريدة احداث اليوم:

اضيف بتاريخ: Saturday, December 24th, 2011 في 23:25

كلمات جريدة احداث: , ,

اترك تعليقاًً على هذا الرأي