عدنان

احداث سوريا

تعساً لكِ من أمة في هذا الزمن

اليوم سمعت عبارة عربية قديمة (وينكم ياعرب ) تذكرت بتلك العبارة عندما كنت أستمع إلى أسماء القتلى منذ كنت طفلة في إذاعة فلسطين أسماء وأسماء وأسماء ..فقط أسماء جثث وقبور ..و نساء كثيرات اعتدن على الهرم والعويل .. وأم شهيدٍ تجري بين أكفان الأعزاء .. تبكي وهي تهيم بلا هدى وكأنها تجري هنا وهناك ترفع يديها وتصرخ ملء الارض والسماء (وينكم ياعرب)
وينكم ياعرب … تعالت اليوم في معارض الجثث السورية ..معارض يرسمها الشياطين في لوحات مهيبة خطوطها من دماء الأبرياء وأنفاسها مكر وخديعة .. بالأمس كان اسمهم أطفالاً وآمالاً يطيرون في الحدائق والطرقات والأحياء واليوم هم مجرد جثث صغيرة ممددةٌ بين أقدام الناس ..أقدام تتحرك في ضجيج ساكن ومقيد ..لا يرونها لكنهم يسمعون وقعها ووقع الصراخات الأخيرة لذويهم إنهم يسمعون آخر ما سيدور فوق الارض بالنسبة لهم .. قتلى صغار بوجوه بريئة وبهية تغرق في أكفانها البيضاء كعرائس السماء حيث أُسقط التكليف ورحمهم الله بيد الفاجرين من رحلة الشقاء والتعب … ذهبتم أنتم ويبقى التعساء من العرب بين قاتل وشقي
وينكم ياعرب .. كم تفجر هذه الجملة همَي وألمي ..لماذا عدتِ من جديد يا أمي ..منذ ستين عام وأنت تنادين .. فهل أجابك من أحد .. هل حقاً تصدقين أن في الدنيا رجال يلبون النداء.. إنما أمسيت أشعر أنها كانت من أجمل الأساطير تلك القصص التي حدثونا فيها عن صفات الرجال ..رجال صامدون لا يخدعون ولا يهزمون نتوارى فيهم كالجبال قرأنا عنهم في كتب التاريخ لكننا لم نراهم وأظننا لن نراهم في حياتنا القصيرة .. فكفي عن العويل والنداء وابلعي الألم وليكن رفيق الطريق يذكرك لتلتزمي بالدعاء على الظالمين وسفاكي الدماء فإن دعاءك أجدى لنا فلا تحميليهم مالا يطاق .. ولكن بقي الله لا يتغير ولا يموت و سيضرب لكِ الظالمين بالظالمين فاستمري بالدعاء .. وسترين
وهوني عليك يا أمي ولا تكثري البحث فقد مات النبي وصحابة النبي وفاتنا عهد الرجل العمري الذي نثر الحبَ للطير في السماء فوق قمم الجبال .. ثم مات جمال ذاك الرئيس العربي الذي رحل مجهداً فقيراً تعوزه الراحة و المال .. بل إنه مات مديونا للبنك كما قد عُرف عنه بعد موته لم يجني المليارات ثم يُكافأ بها حلالاً طيباً..وكم يذكرني هذا الرجل بشيءٍ من خاتم الأنبياء .. فعن من تبحثين اليوم ؟!.. فنحن في عهد الشقاء والمذلة والهزيمة .. إننا أمة ما لبثنا حتى اشمئزت نفوسنا من كتاب الله وشرعه وأحكامه .. وما لبثنا حتى أحببنا المستعمرين حباً أفرغنا به أنفسنا من كل عهدٍ لهذا الدين ولهثنا خلف منطق المتحضرين بلا هدى .. ورمينا ذكرى الرجال الأوفياء بالسباب وبالتجريم والنعال ثم ثرنا جائعين مستعينين بالمستعمرين ليحولونا أو ليمنحونا بدل البغال بغال
وأنتِ مازلتِ تنادين كل يوم وأنتِ في بلاد.. تسيرين بين المجازر والقبور حيث ينشع الظلام في البيوت المهدمة وحيث الغضب بادٍ حتى في وجوه الموتى .. وضوء بهيم يتنزل من الطائرات الامريكية مفجراً رؤوس الاطفال والبيوت .. يفتت العظام ويسوق بقايا لحمٍ مبهم كان لإنسان له اسم وأحلام وتختلط الجثث الكثيرة بلا عنوان راحلةً إلى القبور ..

اقرأ ايضاً صفحات رأي متعلقة على جريدة احداث اليوم:

اضيف بتاريخ: Wednesday, June 13th, 2012 في 05:28

كلمات جريدة احداث: , ,

اترك تعليقاًً على هذا الرأي