عدنان

احداث اليمن

عدن أجمل الأوطان

كانت مدينة عدن تتمتع ببساطة الحياة واعتدال الطبيعة ، وكذلك كانت تتمتع فيها الأشجار بحياة رغدة سعيدة .. كم كانت تبدو أشجارنا خضراء وبهية تتناثر أوراقها على قارعة الطريق وجوانب الشوارع النظيفة وكم كانت تهمس في قلوبنا أرق وأعذب الكلمات .. كم كان يبدو كل شيء حي .. ينبض بالمحبة والرضا … ورب شخصٍ يصف هذه المدينة وصفا يبتعد عن وصفي .. لكنني والله هكذا كنت أحياها وأعيشها وأراها ، وقلب الطفل لا يكذب إذا وصف حضن أمه ورائحتها وهواها

هي تلك المدينة التي تعشق السواحل فكأن وجهها حورية ماءٍ أطلت من أعماق بحر العرب إطلالةً جغرافية جميلة موغلة بالقدم.. حورية طيبة القلب جميلة العينين وردية الخدين لكأنها كُلفت لتكون الحارس التاريخي لمدخل البحر الأحمر .. إلا أن كثيراً من العرب يجهلون هذه المدينة بوجهها المشرق وحضنها الدافئ مع أنها كانت وما زالت تبتسم لكل الزائرين الذين سكنوها تحتضنهم و تستقبلهم بقلبٍ رحب ، ورغم صغر مساحتها إلا أنها استوعبت أفواجا هائلة ومختلفة من ضروب البشر فحق لها أن تلقب بأم المساكين

هي مدينة ساحلية .. للصيادين وكذلك بقية محافظات الجنوب .. وثمة لحج التي كانت جنة خضراء وفيرة تغازل قلوب عشاق الطبيعة والجمال بالأشجار المتراصة على طول الطريق وبالبساتين التي توشَيها .. كلهنَ كنَ يشبهن مدن القصص البعيدة التي تحمل صدى أغنيات الخير والمحبة ورائحة الخبز الزكية من قمح الأرض العبقة ، لا المستورد الذي فرضته علينا الولايات المتحدة وغيرها من الدول المنتجة للقمح مما قضى تقريبا على التوسع في زراعة القمح في أغلب الدول العربية ..

لماذا نغفل قيمة بلدنا الذي نهب .. ميناء وثروات سمكية هائلة و غاز ونفط بكميات تفوق ما يصرحون به .. تفوقه ما فاقت السماء الأرض .. كان يمكن لنصف هذه الثروات فقط أن تجعل منا أمراء أعزاء في بلدنا ، لكننا ندفع ثمن الأنانية وقلة الوفاء ثمناً من الذل والفقر والمرض ، ورغم هذا فإننا ننام كل ليلة ..إذ أننا في الزمن الذي نامت فيه أعين الجبناء لا تشعر بالندم ولا بالخزي ولا بالحياء
وإننا لنرتضي السير بين القمامات كالحيوانات باستسلام وخنوع ، فالغاية الأهم أن نتنفس وأن نعيش .. لكن ياسادة إن الحيوان أيضا يتنفس ويعيش والحشرات تتنفس وتعيش

إن أحدا في الأرض أيا من كان .. عاش في الجنوب العربي ويحمل ولو مثقال ذرة من وفاء ومحبة فأقل ما يدين به لهذا الوطن الذي نهب غدراً أن يعترف له بما طاله من سوء وألا يطأطئ رأسه مقبلاً يد العبث التي طالته فيداهن من شوهوا كل شيء فيه .. ناشدتكم بذكريات الطفولة ياقاطني الجنوب لا تخونوا صغيرتنا الحبيبة عدن ، ولا تخونوا مستقبل الأجيال ، وإنْ فعل هذا نفرٌ قبلنا فيتوجب علينا ألا نخوض في عناد نضيَع به بقية حقنا في البلاد وفي حظ أولادنا ، أترضون لهم بمستقبل تملؤه السرطانات والفقر وكذلك المذلة
.. حولوها إلى أفقر المدن يكفنها المرض والأحزان .. نهبت أراضيها وسواحلها وثرواتها السمكية ناهيك عن بقية المحافظات التعيسة .. فإنْ كنتم قد فقدتم الإحساس والوفاء فثمة مصالح فطرية للبشر ، أين أنتم منها ؟!!.. ألا تسألون أنفسكم لماذا لا تخصص لمدينة عدن ولو ربع عائدات الثروة السمكية التي يتم اصطيادها من سواحل المدينة – حتى وإنْ لم نذكر بقية المحافظات الأخرى – وهي تُصدر بالمليارات .. وأين الميناء؟! لماذا وقَعوا الاتفاقات من أجل تعطيله لصالح ميناء دبي .. ألا ترون محافظات الجنوب وقد استبيحت بشرع محتل وحاقد .. بل بشرع من يقسم الغنائم ، وليس بشرع (وحدة) أُسست وفق اتفاق ذي بنود .. وفق وثيقة لها مدة لأجل إنجاز تلك البنود ، بل إنَ والله .. ووالله أقسم بها ألف مرة إن الاستعمار البريطاني وهو الغريب القادم من البعيد لم يفعل ما فعلوه بالجنوب من نهب وحقد !! ألا ترون كيف جعلوا منا فاشلين وغشاشين وفقراء وقلبوا المعادلة وأصبحوا هم ما كنا نحن عليه ، ألا ترون أنهم فلَتوا الأمور عمداً في الجنوب وجعلوه نهبا وغنيمة بأيديهم وبأيدي الفاسدين واللصوص من الخونة ، بينما أخذت دولةً تتنامى هناك في صنعاء وغيرها بثروات الجنوب في المدارس والمعاهد والمستشفيات والمؤسسات والمطار وميناء الحديدة وافتتاح المنظمات والشركات ….. وهنا بيعت مؤسسات الدولة والمصانع وحتى جزء من الميناء وعُطَل بقيته عن العمل رغم أن هذا الميناء كان بإمكانه أن يحوَل المدينة إلى رخاء لكنه التآمر والحقد !! وحوَلوا أجيالنا إلى غشاشين وراشين وصنعوا منهم مشروع جيل فاسد وفاشل ، وأُهمل المطار واختفت تماما اسم عائدات الذهب التي تصدر من الجنوب إلى الإمارات .. ألا يكفي أن آبار النفط في الجنوب متعارف عليها بأسماء الشيوخ الشماليين !! ماذا بكم ؟ لماذا نغضب من أجل حقوقنا ومن أجل أولادنا ؟!! من أجل حقنا في حياة أفضل .. حياة نستحقها بثروات أرضنا تزخر بالعزة والكرامة بين الأمم ، فهل من العدل أن ينهبونا ونحن من بادر إلى الوحدة ، ويبنون القصور بأموالنا ثم يسبوننا بأحقر الألفاظ !! أهي قلة الوعي أم المذلة تلك التي تجعلنا لانشعر ولا نرى ؟!.. ألا ترون مستشفياتنا وهي تفتقر إلى أبسط الأجهزة بينما تُخصَص مبالغ طائلة من ثروات الجنوب لمستشفيات صنعاء المجهزة بأحدث المعدات ؟! وكم من الناس رأيتهم يتعذبون ويموتون بالسرطان الذي اكتسح المدن والقرى ولم ينجو منه حتى الأطفال فلا دولة تفحص أو تراقب المبيدات أو منتجات التجار أو الأدوية المهربة .. ألا ترون أنهم ثبَتوا أكثر من أربعة آلاف عامل نظافة في صنعاء وحدها مؤخرا بينما عدن تصحو وتنام بين القمامات وبين ظلم أهلها الذين يستكثرون وينكرون على عمال النظافة أن يثوروا من أجل حقهم
أنتم يا أيها القاطنين في عدن يندر فيكم الوفاء لأرضكم وأيضا لأنفسكم ولأولادكم .. وتندر فيكم الرحمة والعدالة فلم ترحموا يوما سكان الأرياف الذين عانوا الحرمان والقصف والقتل وعندما طالبوا بحقهم في العيش كنتم الصم البكم ولما غضبوا من وطأة الظلم وصرخوا بألم : نريد الانفصال انهلتم عليهم بالشتم والاتهام .. ترددون نفس العبارات وكأنكم دمى فثمة من يقول : سيعود علي ليصبح رئيسا مع علمكم أنه منذ البداية يكرر لن أعود رئيسا .. وثمة آخر يكرر سيعود الحزب الاشتراكي وأنتم تعلمون أن الاشتراكية قد انتهت حتى روسيا نفسها لم تعد تمت للإشتراكية بصلة … إننا فقط نريد رفع الظلم عنا والجبروت ، وإيقاف آلة الاضطهاد والنهب والقتل المسلطة على إخواننا في كل المحافظات … إذن أفلا نكون يـــدا .. ألم يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن من مات مدافعا عن ماله وعن حقه يموت شهيدا ، بينما هم أفتوا فينا فتاوى القتل والكفر بالباطل لينهبونا وقد كان للجنوب كل الحق في التراجع عن الوحدة وفق الاتفاق الموقع عليه فكان الانقلاب على الاتفاق بينما الوفاء بالعهد عند الله هو أمر عظيم .. أيكون الحق معنا ونتخلى عنه بدعوى أنهم من سلموها إذن فلا شأن لنا .. لكنها ستظل وطننا نحيا ونموت وندفن فيها
فإما حياة تسر الصديق وإما ممات يغيض العدا

اقرأ ايضاً صفحات رأي متعلقة على جريدة احداث اليوم:

اضيف بتاريخ: Tuesday, March 20th, 2012 في 10:17

كلمات جريدة احداث: , ,

اترك تعليقاًً على هذا الرأي